تعتبر مقدمة الجبال من المناطق المتميزة بالمجالات الإنتقالية، حيث تشرف على الجبال في العالية والسهول أو منخفضات في السافلة. فهذا الموضع المتميز يجعل سكان هذه المناطق تعرف تنوعا في أنشطتها من الرعي في أعالي الجبال، إلى الزراعة والصناعة التقليدية في سافلته.
بالضبط هذا ما يميز كل من مقدمات الأطلس الكبير الشرقي، والأطلس الصغير. فهذين المجالين تتوفر على خصائص متشابهة من حيث إقتصادها سواء على المستوى الفلاحي، والصناعي، وكذا التجاري، فهناك مجموعة من العوامل التي جعلتها مناطق متشابهة من بينها، تشابه في طبيعة الموضع، والتقارب الجغرافي، بالإظافة إلى العوامل التاريخية المتمثلة في إستعمار اليهود والإحتلال الفرنسي، بالإضافة إلى تشابه الموارد المحلية المتمثلة في المناجم الفضة والرخام وغيرها.
كل هذه العوامل جعلتنا نقوم بإبراز كل من إقتصاد مقدمة الأطلس الكبير الشرقي والأطلس الصغير، كل على حدة، مع إبراز أهمية هذا الإقتصاد في التنمية المحلية والجهوية.
I. مفهوم الجنوب الشرقي، والخصائص المشتركة بينهما:
ظهر الجنوب الشرقي، كجهة وهمية، أو بالأحرى كفكرة في خطاب المجتمع المدني بالأقاليم التالية، زاكورة، ورزازات، الرشيدية، فيجيج. وابتداء من سنة 2007 بدأت الجهة الوهمية تتسع لتشمل إقليم طاطا، وأعالي ملوية، التي ينتظر أن تشكل في المستقبل الجزء الشمالي لإقليم ميدلت. إنها جهة وهمية لغيابها فقط، في التقطيع الإداري، ولكنها جهة فعلية لدى المجتمع المدني، لأن المرافعة عادة ما تتم باسمها. ونسجل أن التنسيق بين جمعيات الجهة يقويه الاهتمام المشترك بمشكل التصحر والتدهور البيئي وقضايا الزراعة والماء. ويقويه أيضا الاهتمام المشترك بمنابع الأنهار التي يتوقف جريانها في الرمال الصحراوية، زيز، كير، درعة، غريس، معيدر، زوزفانة. ونسجل أن المجتمع المدني بجهة الجنوب الشرقي الوهمية، بات يشتغل على قضايا المرأة والمشاركة السياسية للنساء في الانتخابات، وينسق في تتبع مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويتبين من الإعلان التالي ميلاد القطب الجمعوي بالجنوب الشرقي المغربي نصه:( عقب اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي حول المشاركة السياسية للنساء والشباب بتاريخ 25/04/2009، انعقد يوم الأحد 26 أبريل 2009 لقاء تواصلي بين الجمعيات والأنسجة الجمعوية والتعاونيات بجهة الجنوب الشرقي للتداول في واقع الجنوب الشرقي في مستوياته المختلفة وبعد نقاش شارك فيه، وبقوة الحاضرون والممثلون لمختلف الجمعيات والأنسجة والتعاونيات على مستوى الجنوب الشرقي أجمع الحضور على ما يلي :
ü اعتبار منطقة الجنوب الشرقي منطقة منكوبة تعاني من تهميش اقتصادي واجتماعي وتنموي كاستمرار للاختلالات المجالية على مستوى المغرب .
ü اعتبار أن المناطق المشكلة لجهة الجنوب الشرقي تتموقع على هامش الجهات التي تنتمي إليها .
ü أهمية العنصر البشري في تحقيق تغيير نوعي انطلافا من الدينامية الجمعوية القائمة.
ü الاهتمامات المتقاطعة والمشتركة لكل الفاعليين الاجتماعيين والجمعويين كترجمة لتشابه الإشكالات المطروحة على مستوى الجنوب الشرقي.
2) الخصائص المشتركة لجهة الجنوب الشرقي:
يشهد المجال الجنوبي الشرقي بالمغرب مجموعة من الإكراهات ، وهي كثيرة كالتصحر والتهميش والعزلة . فالتصحر يكاد يشكل خطرا على كل واحات الجنوب الشرقي. وأما التهميش الذي قد يتخذ لباس الميز الجغرافي، فيمكن ملامسته في التقطيع الجهوي الحالي. فلا أحد يجال في الفرق البين بين منطقتي سوس ماسة من جهة، وبين منطقة درعة وتنغير من جهة ثانية، ولا غبار على الفرق الشاسع بين مكناس ومحيطها وبين كل المناطق الممتدة من الأطلس المتوسط الهضبي إلى تافيلالت، وهي الأطلس المتوسط وأعلي ملوية والأطلس الكبير الشرقي والهضاب الواقعة جنوب الانكسار الأطلسي الجنوبي، وواحات الرتب وتافيلالت وبوذنيب وغريس. والقياس ممكن على وضع فيجيج بالجهة الشرقية. والتهميش يستصحب معه العزلة والانغلاق والتقوقع.
ويغشى الجنوب الشرقي جزءا كبيرا من النطاق الجغرافي الذي كان يطلق عليه المستعمر الفرنسي (المغرب غير النافع) لوقوعه جنوب شرق خط التساقطات المطرية المتساوية معدلاتها والتي لاتكفي لقيام زراعة بعلية، فوق أن الجنوب الشرقي يفتقر إلى التربة الخصبة والإمكانيات والموارد الطبيعية الأخرى.
3) الجنوب الشرقي المغربي والثقافة الجهوية:
تطورت الثقافة الجهوية في الجنوب الشرقي المغربي من خلال النظم العرفية أي الكونفدراليات القبلية، التي تعود إلى التاريخ القديم في المغرب. وهي نظم قبلية سائدة في الجهة الوهمية المذكورة إلى حدود عقود ما قبل الحماية الفرنسية. وهي نظم اتخذت الجنوب الشرقي مجالا وطيفيا لها. أساستها الجماعات العرقية على مستوى القبيلة، ومجلس الأربعين على مستوى الكونفدرالية القبلية. ويسهر على تنفيذ قراراتها شيخ المزرعة محليا وشيخ الشيوخ في النطاق القبلي الواسع. ولئن كانت اتحادية أيت ياف المان، وحدها، بالأطلس الكبير الشرقي، لم تحافظ في مسارها التنظيمي أي على مجلس الأربعين، أو شيخ الشيوخ مثل القائد المقاوم عسو أو بسلام آخر شيخ للكونفدرالية القبلية أيت عطة، فإن المحاولة الفاشلة التي قام بها الشيخ إبراهيم يسمور اليزدكي في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي تستدعي مزيدا من البحث.
فالنظم العرفية كلها تستمد قوتها من التماسك والتعاضد والتآزر وتعتمد على دقة التنظيم العشائري، والتمثيل في مجالس تحمل أسماء مختلفة حسب الوسط القبلي وتقوم على قاعدة عددية ذات حمولة سحرية تعود للماضي التاريخي البعيد. لقد حان الوقت للاعتناء بتلك النظم ومراجعتها ودراستها بحثا عما يمكن توظيفه لتأسيس مقاربة سوسيوثقافية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، وفي الجهوية الموسعة، علما أن النظام العرفي بالصحراء المغربية لا يختلف كثيرا في الأساس السحري العددي الذي يقوم عليه- كما سيأتي- وفي دقة التنظيم العشائري والتمثيل عن الأنظمة المعروفة في المغرب الشرقي والجنوب الشرقي المغربي، في القرن التاسع عشر. لقد حاولت بعض المصادر الفرنسية أن تجعل من التنظيمات القبلية شعوبا نوعية مستقلة في القرن التاسع عشر، وهو تقدير خاطئ، أو على الأقل يخدم مصلحة المستعمر. فالقبائل تشكل صورة مجتمع له خصائص مشتركة مع البنية الكلية أي التنظيم الكونفدرالي كما هو الحال لدى أيت ياف المان بالأطلس الكبير الشرقي وأيت عطة بالأطلس الصغير، وقبل ذلك أيت إدراسن وأيت أومالو. ولكل قبيلة خصائص تميزها عن القبيلة المجاورة ورثتها عن الإثنية «العنصرية» والجغرافيا والتاريخ. والقبيلة وحدة سياسية مؤهلة للانخراط في الاتحاد القبلي الذي ينقطع للدفاع عن المجال الوظيفي، الذي يحوي المراعي والمحاطب، وموارد الماء، والمجالات الصالحة للزراعة، والممرات الإستراتيجية والطرق والمسالك. إنها، بمعنى آخر، وحدة وظيفية غير عنصرية، لذلك تجد قبائل عربية في الاتحادات الأمازيغية كما هو حال عرب الصباح المنضوية في كنفدرالية أيت ياف المان. وهناك قبائل عربية تمزغت فوجدت مكانها في اتحاد أيت عطة. ولا يمنع الاختلاف اللغوي في الانخراط في الاتحاد القبلي إن كانت الوظيفة تسمح بذلك. وللتهديد الفرنسي في القرن التاسع عشر دوره في تعميق التكتل القبلي في الأراضي المحاذية للحدود المغربية الجزائية ومراجعة أسس التحالف. وعلى شاكلة الأنظمة القبلية المغربية حافظت اتحاديات القبائل بالجنوب الشرقي المغربي بعلاقة الولاء مع السلطة المركزية، تدفع الضرائب وتعبر عن الولاء للسلطان في كل مناسبة وتدعو له بالخير في الخطب المنبرية في أيام الجمعة والأعياد. ولا مبالغة في القول إن القبائل الواقعة تحت الاحتلال الفرنسي بالجزائر، من شرق فيجيج إلى شط الجريد ظلت إلى حدود سنة 1961 تذكر السلطان المغربي في الخطب المنبرية، ولم يختف ذلك حتى حصلت الجزائر على الاستقلال وظهر لها مفهوم آخر للوطنية. ونُذكر فقط، أن مشكل الإمامة والخلافة والبيعة طرح كفتوى وإن شئت موضوعا للنقاش بين الأمير عبد القادر الجزائري وعلماء القرويين بفاس، فانتصر موقف الأمير عبد القادر القائم على اعتماد انحطاط الخلافة العثمانية بالجزائر، أي عدم قدرتها على الدفاع عن دار الإسلام لإزاحة الموقف المغربي المؤسس على الحديث «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». فكانت بلاد الجزائر تابعة على مستوى الولاء الديني للمغرب بعد معركة إسلي سنة 1844، ولم يعد يربطها بالخلافة الإسلامية في المشرق أي رابط، وباختصار لا خلاف بين المغاربة والجزائريين في الحقبة الاستعمارية وما قبلها في الدفاع عن المجال الوظيفي، وفي الولاء الديني للسلطة القائمة وفي النظم القبلية.()
وعموما فالسكان الجنوب الشرقي لازالوا يحافظون على ثقافاتهم التي ورثونها عن أجدادهم، وتظهر جليا في الأعراس حيث تقام أحيدوس )[2]( وذلك للإحتفال بالعريس. كما نجد أيضا بعض الصناعات التقليدية كصناعة الزرابي والأواني الفخارية وغيرها. كما نجد أيضا ظهور الشعر الأمازيغي بهذه المناطق، وذلك للتعبير عن همومهم والحديث عن ثقافتهم، كما تناول الشعراء الأمازيغ المواضيع السياسية الوطنية والخارجية كحرب الخليج والمسيرة الخضراء والقضية الفلسطينية والانتخابات بمختلف أنواعها و سنوات الرصاص والصراع بين المغرب والجزائر. بالإضافة إلى ذلك انتبه الشعراء الأمازيغ بالأطلس الكبير الشرقي إلى مواضيع جديدة تتعلق بالنظام البيئي والتلوث الذي يهدده بسبب الأنشطة الإنسانية، وأتحفونا بقصائد غنية بالمواضيع البيئية، وكنموذج للقصائد نذكر على سبيل المثال:
_ ما أجمل بحيرة تزليت بإوزها وبيضها وسط المياه.
_ صعدت وادي ونين وجدته ملئ بالشلالات.
_ فيه عيون مائية تسقط من أعالي الصخور.
_ يبني فيه الرحال خيامهم في فصل الصيف.()
4) موقع الجنوب الشرقي المغربي:
إطلاقا من العنوان يتضح أن الجنوب الشرقي يقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمغرب، ويظم كل من الرشيدية، الريش، وتافيلالت وغيرها ويوضح أكثر المجال أسفله:
II. مقدمة الأطلس الكبير الشرقي، والأطلس الصغير: إمتداداتها وخصائصها الطبيعية:
i. إمتدادات مقدمة الأطلس الكبير الشرقي والأطلس الصغير:
الأطلس الصغير هي آخر السلاسل الجبلية في الأطلس الغربي وأبعدها جنوباً. وتمتد هذه السلسلة من المحيط الأطلسي في الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي، حيث تنتهي بجبل «سروا» الذي يؤلف كتلة جبلية بركانية مستقلة نسبياً، تتصل بجبال الأطلس الأعلى، وتسد حوض وادي السوس من جهة الشرق، وتفصله عن حوض وادي درعة في الجنوب. ويعد سهل حوض نهر السوس أهم الأحواض البنائية في غربي إقليم الأطلس تشرف عليه جبال الأطلس الأعلى من ناحية الشمال، وجبال ما وراء الأطلس من جهة الجنوب، وينفتح على المحيط الأطلسي في الغرب. وجبال ما وراء الأطلس أقل ارتفاعاً من الأطلس الأعلى وقممها مسطحة. لها أشكال أهرامات مقطوعة الرؤوس، تخددها أودية عميقة وخوانق سحيقة. وأعلى قممها يصل إلى 3304م فوق سطح البحر، ويعد جبل صاغرو (2712م) امتداداً شمالياً شرقياً لهذه الجبال. أما جبل باني المساير لما وراء الأطلس فهو آخر سلسلة جبلية على الهامش الجنوبي لجبال الأطلس. وهي سلسلة التوائية منخفضة ذات ارتفاع نسبي يراوح بين 200 و300م، تشرف على وادي درعة من الشمال.
ii. الخصائص الطبيعية لكل من مقدمة الأطلس الكبير الشرقي و الأطلس الصغير:
أ_ الخصائص الطبيعية لمقدمة الأطلس الكبير الشرقي:
يمتد المجال ما قبل الصحراوي و الصحراوي المكون من سهول وهضاب تشرف عليها أحيانا أعراف طولية أو مرتفعات. يتعلق الأمر هنا بوسط جاف وصعب تسود فيه درجة الحرارة المفرطة، وندرة المياه ، و بالتالي هزالة الغطاء النباتي، كما أن مقدمة جبال ألأطلس الكبير الشرقي هي عبارة عن جبال مرتفعة تشرف على مجال منبسط، فهذه الجبال تخترقها مجموعة من الأودية الموسمية والشبه الجافة خاصة واد زيز وغريس.
يتكون من تكوينات قديمة ( تنتمي إلى ما قبل الكمبري، والزمن الجيولوجي الأول) ومجالات تحمل طفوحات بركانية، وسهولا وهضابا وأحواضا ذات صخور رسوبية، وسهولا واسعة مغطاة بإرسابات نهرية حديثة وقعت في الزمن الجيولوجي الرابع).
يتميز مناخ قدم جبال الأطلس الكبير الشرقي بالجفاف، ويتحكم فيه التموقع الجنوبي وراء جبال الأطلس التي تقف حاجزا يمنع تسرب الكتل الرطبة القادمة من المحيط إلى المنطقة و المنفتح، بالمقابل، على تأثيرات الرياح الحارة و الجافة القادمة من الصحراء.
تتميز التساقطات المسجلة على مستوى مختلف المحطات بضعفها و عدم انتظامها.
تقل المعدلات، في جميع المناطق، عن 300 ملم. و سجل أكبر قدر 262 ملم في محطة زاوية سيدي حمزة الواقعة على ارتفاع 2055 م، و تمثل هذه التساقطات المنطقة الجبلية التي تقع شمال الإقليم.
كما تعرف المرتفعات الجبلية تساقطات ثلجية، إذ يتجاوز عدد الأيام المثلجة العشرة أيام في السنة، ووصلت إلى 19 يوما سنة 2000، و يمكن أن يتجاوز المتر.
يشتهر المجال المدروس بارتفاع درجات الحرارة، غير أن درجات الحرارة تتميز كما هو الحال بالنسبة للتساقطات بتقلبات يومية و موسمية مهمة.
تختلف معدلات الحرارة السنوية بحسب وضعية ارتفاع المحطة في المنطقة الجبلية أو السهلية أو على الهضبة.
تختلف معدلات الحرارة من الشمال إلى الجنوب. تتراوح هذه المعدلات في منابع أحواض غريس و زيز و غير بين 18.6 درجة في كردوسة (غير العليا) و 17.8 درجة في فم زعبل (زيز العليا) و 19.1 درجة في تاديغوست (غريس العليا)، فيما تسجل الرشيدية، الواقعة في منطقة وسط، معدل 19 درجة. تتجاوز هذه المعدلات ال21 درجة في المناطق الواقعة في عمق هضبة تافيلالت.
وتسجل المعدلات الدنيا خلال الشتاء، ويمكن أن تنخفض دون الصفر حيث سجلت -8 درجة في دجنبر من سنة 1998.
هكذا توضح المعطيات حول التساقطات و الحرارة طابع الجفاف الذي يميز مناخ المنطقة. و لكننا لاحظنا من خلال نظام التساقطات و الحرارة وجوب التخفيف من هذا الوضع.
ويمكن التخفيف من هذا الوضع باعتبار العديد من العناصر التي تتحكم في توفر مناخات محلية، كما هو الحال بالنسبة لتأثير النخيل على مستوى الوديان المنخفضة لزيز و غريس و فركلة، أو مفعول التعرض أو وضعية الاختباء و كذا مستوى الارتفاع في المنطقة الجبلية.([4])
تبقى الفلاحة هي النشاط الرئيسي للمنطقة فهي تقدم وسائل العيش لجزء كبير من الساكنة. كما تبقى زراعة أشجار التمور (النخيل) هيكل النشاط الفلاحي بالواحات، نظرا لما تقدمه هذه الواحات من ظروف مناسبة لتنمية زراعات أخرى كالزيتون، الحبوب، العلف والخضر.
لكن هذا القطاع يواجه العديد من الإكراهات و خصوصا المتعلقة بشيخوخة النخيل ووباء البيوض و نقص العناية أثناء الحصاد و بعده وطول فترة الجفاف و كذا عامل المجازفة. حاليا تتوجه الجهود لتطوير هذا القطاع. وترتفع المساحة الزراعية النافعة إلى 56.220 هكتار تسقى منها 20.95 % و 79.05% الباقية منها بورية.
وتتوفر المنطقة على عدد مهم من رؤوس القطيع على اختلاف أنواعها، إذ نجد الأبقار ب 34.200 رأس، و الماعز بـ 134.500 .رأس والجمال ب 7000 رأس، إضافة إلى الدواجن بـ 256.000.
ب_ الخصائص الطبيعية لمقدمة الأطلس الصغير:
هي الكتلة التي تقع في جنوب المغرب وتمتد من الجنوب الغربي من المحيط الأطلسي إلى الشمال الشرقي في هضبة ورزازات وتتميز بمناخها الجاف طيلة السنة، كما تشرف هذه المقدمة على أودية عميقة تتغذى على التساقطات التي تتهاطل على الأطلس الصغير والكبير، وتستغل في الزراعة خاصة الزراعة المعاشية.)[6](
يتميز عن باقي جبال الأطلس بطبيعة جباله التي تسود فيها صخور ما قبل الكمبري والزمن الجيولوجي الأول ومناظره المفتوحة التي تشرف عليها أعراف يوحي اصطفافها بنموذج التكوين الأبلاشي.
أما خارج هذه السلاسل الجبلية، فتشغل السهول والهضاب و الأحواض معظم الأراضي.()
إذا كان الأطلس الصغير من بين المناطق الجبلية المغربية الجافة، فان منطقة أيغرم تحتل الجزء الأوسط من هذا المجال، في وسط أكثر قسوة وجفافا، هذا الوضع يرجع أساسا إلى طبيعة المنطقة الجبلية، إذ إن معظم أجزائها تنتمي إلى فثرة ما قبل الكمبري، فالفترات البيو مناخية القديمة لم تخلف سوى أتربة موروثة و جد هزيلة و الغطاء النباتي الطبيعي يكاد ينعدم، في الوقت الذي تتميز فيه المياه بشحها و نذرتها، إذ لا تتمثل في بعض الفرشات الباطنية على شكل ينابيع مائية ضعيفة في قعور الأودية، وأما في حفر الآبار وغالبا ما تكون عميقة ونادرة المياه.
رغم ندرة التساقطات وطول أمد الجفاف الذي يمتد أحيانا إلى 6 سنوات، فإن المنطقة تتوفر على شبكة مائية مهمة، تنهل في فرشة باطنية غنية فنجد حوالي 45 عين تزود الواحات بشبكة من القنوات وأكثر من 296 بئرا 50 منها مجهزة بمضخات ولازال حفر الآبار مستمرا مما سيكون له انعكاس سلبي على العيون، كما تستفيد المنطقة من الجريان الموسمي خلال فصل الشتاء لتساهم في تغذية هذه الفرشة.
كل هذا يساهم في ظهور وحات مسقية تستفيد من مياه العيون بشكل مستمر، فتعطي غطاء نباتيا مكثفا على شكل مزروعات مسقية كالشعير والذرة، ونباتات مختلفة كأشجار النخيل والزيتون واللوز، كما نجد أيضا نباتات شوكية، وبعض أشجار الأركان ينتشر خصوصا في الجبال والأراضي البورية.
من جلال الإطلاع على هذه العوامل الطبيعية للأطلس الكبير الشرقي والأطلس الصغير، فإننا نلاحظ أن هناك تشابه كبير من حيث المؤهلات الطبيعية ، حيث نجد معانات المجالين من الجفاف وكذا تضرس المجال، زد على ذلك المناخ القاصي بهما معا، فهذه المؤهلات الطبيعية تبقى غير كافية ومؤهلة لتحقيق تنمية ناجعة للمنطقة، ولا تساهم إلا في هجرة الشباب إلى مناطق أخرى في شمال المغرب على وجه الخصوص.
III. إقتصاد محدود في مقدمة كل من الأطلس الكبير الشرقي، والأطلس الصغير.
1. محدودية إقتصاد مقدمة الأطلس الكبير الشرقي:
تعتبر مقدمة الأطلس الكبير الشرقي ملتقى الأعراف للتبادل التجاري و الحضاري لمختلف القبائل المجاورة، وتتمركز الأنشطة الرئيسية حول تربية المواشي و المراعي و الفلاحة. كما نجد أيضا السكان أنها تعتمد على التجارة و البناء و الصناعة التقليدية التي تمثل نسبة هامة من الدخل. وتجدر الإشارة أن الفلاحة تمتد بشكل كبير على ضفاف وادي زير و تتميز بتدرج و اختلاط الزراعات: الأشجار المثمرة ، والزراعات التحتية ( خاصة بعض الخضروات من قبيل الجزر والفول واللفت .... والزارعة العلفية خاصة الفصة). ونلاحظ في هذا النظام تشت كبير للملكية و الضيعات الفلاحية. أما تربية المواشي فهي تعتمد على الغنم و البقر والمعز بالنسبة للفلاحين المتوسطين و الكبار. بعد الاستقلال عرفت المنطقة نموا ديموغرافيا متواصل، وهجرة القروية سريعة خصوصا بعد جفاف 1982 . وأدى هدا التطور إلى قيام الدولة بإنشاء تجهيزات كبيرة بالمنطقة. من مدارس أساسية، و إعداديات و ثانويات و مراكز الصحة، ووحدات للولادة، و صيدليات خصوصية،وأسواق أسبوعية (سوق للخضر و الفواكه و سوق الأغنام)، وذلك للحد من التهميش التي تعاني منه المنطقة وكذا من أجل الحد من الهجرة القروية.
أ_ فلاحة متنوعة في تراجع مستمر، ودخول الفلاحة العصرية:
تتوفر مقدمة الأطلس الكبير الشرقي على غطاء نباتي يتلاءم والظروف المناخية القاسية التي تشهدها المنطقة، حيث نجد بعض الزراعات المعاشية الضعيفة، وكذا النبتات الشوكية، بالإضافة إلى الأعشاب الطبية. فلهذا الغطاء النبات وظائف متنوعة، غير غذاء الإنسان، وكلأ الحيوان، بل يستعمل في معالجة المرض، وإطفاء مواقع الجن. فكلما تحولت النبتة إلى محلول، أو ضمنت في مكونات خلطة أو شراب فالأمر يتعلق بالعلاج الطبي التقليدي، وكلما أحرقت النبتة، أو أدرجت ضمن مكونات بخور فالمبتغى إطفاء مواقع الجن والتواصل مع ما وراء الطبيعة، لدرء كل مفسدة تلحق الأسرة أو العشيرة. ولأن لكل نبتة استعمالات متعددة، فإنه من المتعذر تصنيفها تصنيفا وظيفيا عموديا:
إسمها الأمازيغي أزير، وإسمها الفرنسي Le romarin توجد هذه النبتة في أربعة مواقع بالأطلس الكبير الشرقي، أملاكو، أموكر، امزيزل، زاوية سيدي حمزة. وأما السفح الشمالي الغربي لجبل العياشي فغني بالنبتة. وهناك مواقع حملت اسم النبتة من ذلك كدية أم أزير، وإيمي أخليل أي أكليل بجماعة امزيزل. ويعد إكليل الجبل مادة طبية مطلوبة بكثرة في أسواق المنطقة وخارجها. شكلت النبتة أساس العلاقة التجارية بين جبال الأطلس الكبير الشرقي وأحواز سجلماسة في العقود الماضية، حيث تتم مقايضة النباتات الطبية الجبلية بالتمر. كما تستعمل في معالجة مجموعة من الأمراض ذات ارتباط بالروماتيزم والهضم. وهي نبتة دائمة الخضرة لا يزيد إرتفاعها عن المتر ونصف المتر، تنمو في البر فوق السفوح الجبلية الكلسية والدروع بجبال الأطلس الكبير الشرقي. تشرب كبديل للشاي لتهدئ الأعصاب، وتعالج الحلق. لذلك يداوم على شربها الشعراء والمغنيين. وتستعمل في البخور.
لكن عشبة أزير أصبحت تستغل بشكل مفرط في هذه المناطق، مما أصبح انقراضها أمر مؤكد، لهذا يجب الحفاظ على هذه النبتة من الإقراض بهذه المنطقة.
الحرمل هي نبتة تتواجد بشكل كبير في المناخات الجافة والشبه الجافة، تنموا خاصة في الفترات الرطبة بالضبط في شهر يونيو بالأطلس الكبير الشرقي،وتستعمل كعشبة في الشعوذة والتبرك. ، فضلا عن معالجتها الروماتيزم، وتستعمل شرابا وبخورا لمعالجة النوم. وأما ورق النبتة فمفيد حسب المعتقد لكل من مسه الشيطان، وفي فك العقد السحرية، ويوظف الحرمل حبوبه وأوراقه لدرء وقع عين الحسود، كما يستعمل في خلطة الحناء إن أريد بها تعقيم جسد المرأة وإطفاء مواقع الجن بها.
تعد مقدمة الأطلس الكبير الشرقي بيئة لائقة لزراعة الفصة، بفعل توفر التربة الرملية، وتوفر الماء بسواقي المزارع التي يستغلها سكان المنطقة، وتعد الفصة من الزراعات العلفية المهمة والمنتشرة في المنطقة بشكل كبير، وهذا راجع إلى الثقافة التاريخية التي مرت بها المنطقة الجبلية الشرقية، حيث كانت الفصة تقدم إلى خيول التجار القادمين من الشمال والجنوب. كما أن الفصة هي دواء لمجموعة من الأمراض من قبيل الروماتيزم وتضميض الجراحة، كما جاء على لسان لحسن أيت الفقيه أن الفصة كانت تستعمل أطباقا للإنسان، أي أن الإنسان كان يأكل الفصة ويؤكد ذلك الشعر الأمازيغي التالي:
قائلا له انتظر فطعام العشاء مهيأ
فهل العشاء ذلك الطبق المدعم برزمة من الفصة.
العرعار إسمه بالأمازيغية تاقا، والفرنسي Genévrier، فالعرعار شجرة غابوية شكلها هرمي، ومرتفعة، تستعمل في معالجة الروماتيزم.
الدفلة:
الدفلة إسمها بالأمازيغية أمزيد أو تيلة ، وبالفرنسي Laurier-rose فهو شجرة صغيرة تدخل في بعض تحضيرات الطب التقليدي. يستعمل خشبها لصناعة بعض الأدوات كمغازل الحرير (إزضي بالأمازيغية). وتعالج النبتة أمراض الحنجرة وأمراض الجلد، وتستعمل في البخور مع وبر الماعز لإطفاء مواقع الجن. ويقول أحد الشعراء الأمازيغ في جمال الدفلة:
سوى تلك المرأة التي تتقن أشغال البيت
وأما الجمال المزركش فكائن في شجرة الدفة
كما نجد أيضا بمقدمة الأطلس الكبير الشرقي بعض النباتات العطرية التي يستعملها السكان في التزين مثل: الخزامة، النعناع.... كما نجد أيضا الزراعة بجوار النخيل والزيتون، فمن هذه الزراعات نجد: زراعة الخضروات: البصل، والجزر، واللفت والقمح، والشعير...، لكن يغلب على المنطقة النباتات الشوكية نظرا للظروف المناخية الصعبة التي تشهدها المنطقة، وهذا ما جعل الفلاحة بهذه المنطقة لا تساهم بشكل كبير في تنمية المنطقة.()
لكن في السنوات الأخيرة عرف القطاع الفلاحي تطورا لا بأس به، حيث أصبحت الجهات المعنية تتدخل ببعض التقنيات العصرية لتطوير هذا القطاع، بالإضافة إلى ذلك دخول مجموعة من المستثمرين لهذا القطاع والقيام بمجموعة من الضيعات العصرية خاصة في غراسة الأشجار المثمرة كالنخيل والزيتون و التفاح. وهذا ما أعطى تطورا ملحوظا في المجال الفلاحي بهذه المناطق خاصة في منطقة الريش، وبودنيب، والرشيدية وغيرها من المناطق.
فمن خلال هذه الصورة يتضح أن بعض المناطق بالأطلس الكبير الشرقي بدأت تعرف مجموعة من الضيعات العصرية والتي تمتاز بالتنظيم، والسقي العصري خاصة التنقيط، وذلك راجع إلى ضعف الموارد المائية بهذه المناطق، كما أن هذه الضيعات تغرس بها أشجار تتلاءم والظروف المناخية للمنطقة، كالزيتون والنخيل.
تعتبر مقدمة جبال الأطلس الكبير الشرقي من المجالات التي عرفت نشاط التجارة مند عقود غابرة، حيث كانت منطقة عبور للقوافل التجارية المارة من الشمال نحو الجنوب أو العكس، ومند ذلك الحين تطورت تجارتها مع مجموعة من المناطق، خاصة التعامل مع الواحات الجنوبية، ومع المدن الشمالية للمملكة المغربية، كما أن هذه المنطقة قد إستفادت من هذه القوافل التجارية من خلال أخد مجموعة من الصناعات، كما أن الإستعمار هو الأخر قد أدخل مجموعة من الصناعات إلى هذه المناطق كصناعة الخزف والزرابي وغيرها، وهذه المنتجات تسوق في المناطق المجاورة لأقدام الجبال، ونظرا لضعف الصناعات والمنتجات الفلاحية بهذه المناطق، تلجأ مدن أقدام الجبال إلى جلبها من المدن الداخلية كمدينة الرشيدية ومدينة ميدلت....
ب_ تجارة غابرة من أصول القوافل التجارية:
ج_ صناعة تقليدية ذات تنمية محلية هزيلة:
تشهد مقدمة جبال الأطلس الكبير الشرقي صناعات ضعيفة، حيث نجد بها بعض الصناعات التقليدية، التي دخلت لهذه المناطق عن طريق الإستعمار. من قبيل صناعة الزرابي والجلباب في مجموعة من المناطق، كما نجد أيضا صناعة بعض الأدوات الفلاحية كالقفة والفأس وغيرها من الآلات الفلاحية، وتنتج هذه الأدوات من مواد محلية من قبيل أشجار النخيل وغيرها، فإنطلاقا من عسف النخيل تصنع ما يعرف ب "القفاف والحسائر و الطباك"، وتسوق في الأسواق الأسبوعية.
إضافة إلى ذلك نجد معاصر الزيتون التي تقوم بطحن الزيتون واستخلاصه، وتعاونيات الحليب، التي تعمل على صناعة علب الحليب وبيعها. فرغم كل هذه الصناعات، إلا أنها تبقى غير كافية في حق هذه المناطق المهمشة في جميع المجالات، ولا ترقي إلى مستوى تأهيل مناطق دير الأطلس الكبير الشرقي إلى مستويات مشرفة من التنمية المحلية.()
خلاصة القول، فإن مناطق الدير بالأطلس الكبير هي من المناطق الغير المؤهلة، والضعيفة في جميع المستويات الإقتصادية سواء الفلاحة، بسبب الجفاف وقلة الأراضي الزراعية وكذا التصحر، وسواء على التجارة والصناعة نظرا لضعف المناطق الموارد والمنتجات التي يمكن تصنيعها، زد على ذلك ضعف الإستثمارات الصناعية بهذه المناطق.
لكن ليس دير الأطلس الكبير الذي يعاني لوحده من هذه المشاكل، بل نجد أيضا مقدمة الأطلس الصغير هي الأخرى تعاني من نفس المعانات التي عانت منها مدن ومناطق الأطلس الكبير الشرقي، وسوف نبرز في هذا الصدد إقتصاد مقدمة الأطلس الصغير من أجل إبراز التباين الإقتصادي بين المقدمتين، وإظهار أيضا أوجه التشابه بينها.
2. إقتصاد مقدمة الأطلس الصغير:
أ_ فلاحة محدودة بسبب العامل الطبيعية: تكريس لفلاحة محدودة.
فإنطلاقا من تضاريس المنطقة التي تتمثل في تضاريس بركانية، وانطلاقا من مناخها المتميز بالجفاف،وضعف فرشاتها الباطنية وفقر تربتها، نظرا لتضرس المنطقة، يمكن أن نستنتج بأن المجال يعرف نشاطا فلاحيا يتسم بضعفه الشديد وتناثره، ويتكون خاصة من أشجار الزيتون والأركان في الجهتين الشمالية و الغربية، ومن أشجار اللوز في باقي المناطق و الجهات.
وهذا التراجع في الغطاء النباتي راجع إلى مجموع من العوامل السالفة الذكر، بالإضافة إلى ضعف الأراضي الصالحة للزراعة، مما يدفع بسكان المجال إلى تهيئة الأراضي الزراعية، عن طريق بناء المدرجات والدكات، فهذه العملية، تحتاج إلى الجهد الشاق للإنشائها، وتستغل خاصة في الزراعات المعاشية كزراعة البصل والفول والقمح والشعير وغيرها، بجانب بعض الأشجار كشجر الزيتون واللوز والأركان.)(
ب_ تجارة تاريخية في تراجع مستمر:
عرف الأطلس الصغير مند فترات تاريخية، إستقرار لليهود، وعرفوا بتعاطيهم لأنشطة التعدين، خاصة تعدين الفضة والمتاجرة فيها في القرن 20م. كما اتخذ أيضا الأطلس الصغير كمنطقة عبور بين الشمال والجنوب، كل هذا ساهم في ظهور مجموعة من المدن التجارية، كمدينة تافراوت وتمادولت التي ظهرت بفعل استغلال المناجم في عهد المرابطين والموحدين، واعتبرت في تلك الفترة نقطة إستراتيجية لتجارة الصحراوية.
فتاريخ المنطقة العريق، من إستقرار لليهود إلى الموحدين والمرابطين، زد على ذلك الإستعمار الفرنسي، جعل الأطلس الصغير وديره يعرف مجموعة من الصناعات ( صناعة الزرابي، والجلباب، والأواني الفخارية، والصناعات المعدنية...). فهذه الصناعات المتنوعة ، جعلت الأطلس الصغير يشهد نشاطا تجاريا مهما، حيث يتم تسويق هذه المنتجات في أسواق المناطق الواحية الموجودة أسفل الجبال.
لكن مع تطور الزمان، ودخول العولمة بهذه المناطق، وتراجع إستعمال المنتجات التقليدية من أدوات فلاحية وأواني فخارية وغيرها، عرفت التجارة بالأطلس الصغير تراجعا كبيرا، ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى ضعف التجارة بهذه المناطق نجد:
- هجرة شباب المنطقة الواحية والجبلية إلى المناطق الشمالية بحثا عن عمل، وتأثرهم بالثقافة الغربية.
- دخول بعض الزراعات والآلات العصرية لهذه المناطق ( الواحية والجبلية)
دخول صدى العولمة إلى قلب هذه المناطق
كل هذا ساهم في تراجع التجارة التي كانت قائمة بين سكان الجبال وديرها و بين المناطق الواحية السهلية. لهذا يجب تشجيع الصناعات التقليدية بهذه المناطق من أجل المحافظة على هذا الإرث التاريخي العظيم، ومحاولة تشيد بعض المتاحف التاريخية لتعرف على جميع أنواع الصناعات السائدة زمن أجل ضمها وجمعها ومحاولة إحياء الموءودة منها.()
ج صناعة تقليدية ضعيفة في طور الإندثار:
عرفت الصناعة التقليدية بجبال الأطلس الصغير إزدهارا كبيرا في العقود الماضية، فقد دخلت هذه الصناعات إلى هذه المناطق عن طريق اليهود، الذين كانوا يمارسون صناعة الفضة، بشكل كبير، نظرا لوجود مجموعة من مناجم الفضة بهذه الجبال، كما نجد أيضا مجموعة من الصناعات التقليدية الأخرى التي تعتمد على المورد المحلية، كالصوف، الذي يستخرج منه الزرابي، والسجدات ذات رموز أمازيغية محلية.بالإضافة إلى ذلك نجد صناعة الفخار من أواني منزلية فخارية تستعمل محليا. كما يتم تصديرها إلى المناطق المجاورة.
لكن هذه الصناعة بدأت تعرف تراجع كبير، بسبب الهجرة القروية الكثيفة التي يعرفها المجال، فمعظم شباب الأطلس الصغير ومقدماته تهاجر إلى المدن القريبة منه للبحث عن عمل متواضع، كمراكش وأكادير، ويفضلون العمل في هذه المدن في المجال السياحي ومجال البناء، وغيرها من الأنشطة، كما أن الجفاف وتراجع الموارد المائية بهذه المناطق هي أيضا من الأسباب التي أدت إلى تراجع الصناعة بالمجال المدروس والسبب الرئيسي في تهجير الشباب.
كما نجد أيضا بعض الصناعات الأخرى التقليدية كصناعة الأدوات الفلاحية بمواد محلية ( المحراث الخشبي، وأدوات الحصاد ( المنجل)، والمغزل، وغيرها)، فكلها صناعات تصنع من الأشجار المتواجدة بالمنطقة. ويمكن التعبير عن هذه الصناعات بالصور التالية:
تعد مقدمات الجبال من المجالات ذات الطابع المتميز عن باقي المجالات الإنتقالية الطبيعة الأخرى، نظرا للموضع المتييز التي تحتله ( مابين وحدتين طيوغرافيتين الجبل والسهل)، فهذا الموضع له مجموعة من القيم الخاصة به بالنسبة للسكان الجبال حيث به تستقر الساكنة في غالبية الأحيان، وذلك للإستغلال عالية الجبال في الرعي، والسافلة في زراعة مجموعة من المنتوجات الفلاحية المحلية،
خاتمة:
إن مقدمة جبال الأطلس الكبير الشرقي، وجبال الأطلس الصغير هي مقدمات متشابهة من حيث إقتصادها، وهذا راجع إلى مجموعة من العوامل التاريخية المتشابهة، كإستقرار اليهود بكلتا المجالين، بالإضافة إلى الإحتلال الفرنسي الذي إستقر هو الأجر بالمنطقتين معا، زد على ذلك التقارب الجغرافي، كل هذا جعل تشابه الأنشطة الفلاحية والصناعية متشابهة. إلى حد كبر.
فرغم هذه الأنشطة المتواضعة بهذه المناطق إلا أنها غير كافية في تحقيق تنمية مندمجة بالمنطقة، لهذا يستدعي التدخل في هذه المناطق من أجل تنميتها ولو بشكل ضعيف للحد من الهجرة القوية التي تعترض هذه المناطق.
_ لحسن ايت الفقيه، المحور: اليسار، الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي، الحوار المتمدن، العدد: 2925، سنة 2010.
تحت عنوان " النباتات والأعشاب بالأطلس الكبير الشرقي بين الغذاء والطب التقليدي وشعوذة الأسرة".
Commentaires