المقالات والمحتويات

قصص قصيرة

المجال الساحلي: من بلدية مرتيل إلى القصر الصغير المؤهلات، الإكراهات و التدخلات


مقدمة:
جبال الريف هي سلسلة جبلية كبيرة تقع شمال التراب الوطني ، تتميز العديد من مناطق وسفوح جبال الريف بتساقطات مطرية غزيرة مما ساهم في نمو غطاء نباتي كثيف وازدهار أنشطة الزراعة والرعي وقطع الأشجار.
و تقع جبال الريف شمال المغرب وتمتد بمحاذاة ساحل البحر الأبيض المتوسط على شكل قوس واسع من مضيق جبل طارق (طنجة) حتى نهر ملوية (قرب وجدة) ويبلغ 2,456 مترا في الوسط و 1800 متر في الشرق ثم تضيق في الغرب قبل أن تنحدر طبقاتها نحو البحر ويعتقد أن هذه السلسلة جزء من جبال سيرانيفادا في إسبانيا وأنهما كانتا ملتصقتين قبل أن يتكون مضيق جبل طارق والساحل بجوار هذه الجبال صخريا مرتفعا وكثير الرؤوس، أعلى قمة جبلية في سلسلة جبال الريف هي تدغين ويبلغ ارتفاعها 2465 متر.
ونظرا للأهمية هذا الموقع كان ولا بد من معرفة بعض خصائصه عن قرب، مما حتم علينا القيام بخرجة علمية على طول السواحل الواقعة بين بلدية مرتيل والقصر الصغير، من أجل معرفة التكوينات الصخرية لهذا الساحل بالإضافة إلى معرفة الأنشطة المتوطنة به، وكذا الإكراهات التي تعيق هذا المجال الحيوي التي لا تعد ولا تحصى.
  
المحطة الأولى: ربوة دار سكيرج.
1- من الناحية الطبيعية:
ربوة دار سكيرج هي اسم دال على منزل كان فوق هذه الربوة، كان تحت اسم دار سكيرج، وهو مجال جد متميز لأنه مجال يعطي مشهد مورفولوجي جد واضح لموقع مدينة تطوان و مرتيل اللذين يوجدان على خط الإنكسار الذي كون ما يعرف بالإفجيج. هذا الإنكسار استغله واد مرتيل للبروز.
أ‌- سهل مرتيل:
تكون سهل مرتيل عن طرق الحركات الإنتهاضية والتهدل التي عرفتها جبال الريف، ونتيجة الإنكسار التي شهده المجال في الزمن الثالث، ومع تراجع البحر أسفر عن تشكل السهل والذي يدخل في ما يعرف بالتركة البحرية.
يتموقع سهل مرتيل بين مجموعة من السلسلات الجبلية، جبل درسة في الشمال الغربي والذي يتميز بإرتفاعات ضعيفة، وجبل غورغيز الذي يوجد في الجنوب الغربي للربوة يبدأ من الذروة الكلسية وينتهي في مشارف شفشاون. وهو ذات إرتفاعات مهمة. وجبل كلتي في الشمال بالإضافة إلى كدية الطيفور في الشرق. فسهل مرتيل يعتبر سلة غذاء لمدينة تطوان، حيث كان مجال للممارسة الأنشطة الفلاحية، إلا أنه تحول إلى مجال للتعمير وإقامة الأنشطة السياحية على الخصوص.
ب‌- الذروة الكلسية:
تتميز هذه الذروة بإختلاف قممها وبالتدرج من القمم العالية والحادة في اتجاه السافلة، يغلب عليها الصخور الكلسية النافذة،كما تظهر التلال في الوسط وهي عبارة عن صخور اندفاعية للصخور القديمة ذات تكوينات ترياسية صرفة، إلا أن ظاهرة التحلل التي شهدتها هذه التلال أطغى عليها اللون الأحمر الذي يدل على تمازج الصخور الترياسية مع الماء وثنائي أكسيد الكربون CO2.
ج- كدية الطيفور:
هي مرتفع تحد السهل من الناحية الشرقية، تعود جيومرفولوجيا إلى الزمن الأول، وهي ذات صخور متحولة خاصة الكنايس والميكاشيست اللذين يتميزان بمقاومتهما لظاهرة التعرية.
كل المجال الذي تم الحديث عنه يدخل فيما يعرف بالريف الداخلي ذي صخور شيستية وضلوع كوارتيزيتية، والذي يستقبل تساقطات مهمة تتراوح ما بين 610 ملم سنويا في ربوة دار السكيرج و 700 ملم سنويا في مدينة تطوان، هذا الفرق في كمية التساقطات يغزى إلى وجود مدينة تطوان تحت جبهة تضاريسية و تعتبر حاجزا للهواء الرطب. فرغم التساقطات المهمة التي تعرفها الربوة إلا أنها تندرج ضمن المناطق شبه الجافة ويرجع هذا إلى وجود مجموعة من النباتات التي تتأقلم مع والظروف شبه الجافة كوجود الصبار وبعض النباتات الشوكية.
2- من الناحية البشرية :
يعتبر سهل مرتيل من المجالات الإنتقالية، حيث يوجد بين مجال حضري ( مدينة تطوان ) ومجال بحري ( البحر الأبيض المتوسط)، وهو ما يعرف بالحوز البحري الذي عرف إستقرارا لسكان في أول الأمر بالذروة الكلسية، حيث نجد مجموعة من النوى السكنية على طول الذروة الكلسية وهي الساكنة الأصلية التي إستقرت بالمجال، ومن أسباب وجودها نجد الذروة الكلسية التي تعتبر خزان مائي للساكنة، والتي أنبثق على إثرها مجموعة من العيون المائية في وسط الذروة والسبب في وجود هذه العيون هو وجود صخور كلسية في العالية وصخور القاعدة القديمة في الأسفل مما تحد من تسرب المياه وبالتالي ظهور مجموعة من العيون على طول هذه الذروة، ومن الأسباب الأخرى للإستقرار السكان بهذا المجال نجد السهل الذي يتم استغلاله في المجال الفلاحة، وواد المالح.
وفي الوقت الحالي أصبح هذا السهل يحتضن مجموعة من الوظائف من قبيل الوظيفة السكنية، الفلاحية، الترفيهية ( الخدمات السياحية)، والخدمات الصناعية. كل هذه الوظائف جعلت هذا المجال يعرف مجموعة من المشاكل، فمنها ما هو طبيعي المتمثل في:
- قوة الرياح الشرقية: وهي رياح مدمرة للمحصول الفلاحي، ومن أجل الحفاظ على منتجاتهم الفلاحية لجأت الساكنة إلى إنشاء مجموعة من الحواجز لتكسير قوة الرياح.
- التعرية: حيث تعرف هذه المنطقة تعرية قوية تودي إلى تدهور مجالها الفلاحي وبالتالي تراجع المحصول
- الفيضانات
ومنها ما هو البشرية فهي الأخرى متعدد ومنها:
- التلوث: المتمثل في الصرف الصحي الذي يقذف رأسا بالمجاري المائية خاصة بواد المالح وواد مرتيل.
- التعمير المتزايد: حيث نجد طبيعة الأملاك بهذا المجال هي عبارة عن أملاك مخزنية، وبالتالي تستغل بشكل مباشر في بناء المركبات السياحية والسكنية، مما يؤدي إلى تقلص المجال الفلاحي بهذه السهل.
- الحرائق المتتالية: يعرف المجال المجاور بالسهل خاصة المرتفعات التي تحده حرائق مستمرة، وذلك من أجل توفير مساحات فارغة من الغطاء النباتي للإقامة المركبات السياحية.
- المخطط الوطني للتنمية: الذي ينظر للمجال نظرة سياحية، مع العلم أنه مجال استراتيجي بيئي مهم .
ومن أجل الحفاظ على هذا الإرث الطبيعي لجأت الدولة إلى وضع مجموعة من المخططات على رأسها المخطط الأخضر الذي لم يعطي أكله بفعل تدخلات اللوبيات في توجيه المجال لخدمة مصالحهم الشخصية، كما يدخل هذا المجال ضمن المغرب الرسمي، وبدأ يحتضن مجموعة من الرادارات من أجل تضيق المجال على الإرهابيين ومن أجل أيضا مراقبة الحدود، وقد انخرط المغرب في ذلك بعد الكارثة التي وقعت بالولايات المتحدة سنة 2000 .
المحطة الثانية: حوض سمير:
يدخل حوض سمير من المناطق الرطبة بالمغرب، وهو مجال مهم من الناحية البيئية، حيث تتدخل مجموعة من العناصر في تشكيل هذا الحوض منها المجاري المائية، والحاجز الرملي الذي يمنع المياه الإتجاه نحو البحر، وكذلك المرتفعات الجبلية التي تمد الحوض بالمواد الأولية والعضوية بالإضافة إلى المياه. وما يميز هذا المجال أيضا هو المزج بين المياه العذبة الآتية من العالية، والمياه المالحة الآتية من البحر، مما يعطي منظومة خاصة بهذا المجال.
وفيما يخص تشكل هذا الحوض فقد تشكل بنفس الطريقة التي تشكل بها سهل مرتيل، مما نجد به توضعات ترياسية رمادية التي توحي إلى غنى المجال بمواد عضوية وهي صخور الزمن الثالث. ما عدا جبل زمزم الذي يعتبر كتلة حثية نوميدية، ذو توضعات منضدية تعود للزمن الثالث، كما يعتبر جبل زمزم من المجالات الدخيلة على هذا المجال، والذي تكون على إثر العمليات الإنتهاضية مع عملية الدفع وبالتالي بروز طيات زاحفة شاهدة على العماليات التي وقعت في الزمن الثالث.
كما يعتبر حوض سمير من المجالات المتوازنة بيئيا، وذلك راجع إلى توفره على منظومة متكاملة من حيث الموارد المائية والحيوانية، حيث كان مجال للإستراحة الطيور القادمة من أوروبا، لكن مخطط 1967 حول المجال من وظيفته الأساسية إلى وظيفة سياحية محضة، ومنذ ذلك الحين أصبح حوض سمير يتدهور تدريجا إلى أن يصل إلى ما وصل إليه الآن، حيث أصبح المجال يطغى عليه الإسمنت المسلح عوض المجالات الزراعية والبحيرة المائية، وضعف الوحيش بهذا المجال، وأصبح أيضا يعرف مجموعة من المشاكل من قبيل التعرية الناتجة عن استغلال المجال في وظائف سكنية، وكذلك وجود مجموعة من المقالع الرملية التي ساهمت بشكل مباشر في تهجير الطيور بفعل المتفجرات المتتالية التي تحدثها وليس هذا فقط بل قضت على المنظومة البيئية ككل.
أما الناحية البشرية فنجد أن حوض سمير يعرف نظام عقاري معقد حيث تسيطر عليه الأراضي الخليفية والأراضي الجماعية ( السلالية)، وهو ما جعل المجال يطغى عليه البناء العشوائي على حساب هذا الحوض، حيث نجد أن ضواحي مدينة المضيق خاصة في الناحية الشمالية ينتشر السكن العشوائي بشكل كبير. وهو ما يخلق العديد من المشاكل في إعادة تأهيله وتنظيمه ليخدم المجال والساكنة في آن واحد.
كما نجد أيضا السكن السياحي بهذا الحوض، وهو منتشر في جل الحوض، حيث نجد المرافق السياحية داخل البحرة وفوق الشريط الغابوي الذي يوجد فوق المرتفع الرملي الذي يعتبر حاجزا طبيعيا بين البحيرة والبحر، وفي جنوب الحوض وشماله والصور توضح ذلك بشكل مباشر.
لكن هذا لا يعني أن الساكنة لا تعرف مضايقات، بل عكس ذلك فالساكنة تشهد يوميا مجموعة المضايقات التي تتلخص في:
- التعرية: فهذا المجال الرطب يعرف تعرية قوية وذلك راجع إلى طبيعة الصخور غير المقاومة، وكذا الأنشطة المكثفة بهذا المجال من قبيل الأنشطة السكنية و المقالع.
- وجود الخنزير: الذي يساهم في تدمير الساكنة ومحاصيلها.
- تسويق الصيد للزبناء: أي اعتبار البحيرة مجال لممارسة الصيد السياحي.
- طبيعة العقار المعقد.
فهذا المجال الحيوي الرطب هو مجال حيوي بامتياز كونه ينطوي إلى اتفاقية رامسار إلى جانب المرجة الزرقاء وسيدي بوغابة، وهو في تراجع خطير، فإذا استقر على حاله الذي هو عليه الآن سيختفي الحوض ولن يبقى له أثر، لذلك فهو يحتاج إلى تدخلات عاجلة ومستعجلة من أجل الحفاظ على ما تبقى منه من مشاهد طبيعية، ومحاولة تأهيله ليستقر على ما كان عليه.
المحطة الثالثة: ساحل الفنيدق ( كدية كنديسة).
في هذه المحطة سوف نتحدث عن منطقتين لهما علاقة وطيدة فيما بينهما، وهما مدينة الفنيدق وساحلها ومدينة سبتة المحتلة. ففي ما يخص الفنيدق سوف نتطرق إلى التعرية التي تتشكل بشكل واضح في كدية كردوسة المنسوبة إلى أقرب حي سكني لها يدعى بكنديسة ، أما فيما يخص سبتة سنحاول ربطها بالوظيفة التي تقوم عليها مدينة الفنيدق وهي التهريب بكل مستوياته والهجرة السرية.
1- مدينة الفنيدق:
توجد مدينة الفنيدق على الضفة المقابلة لجبل طارق ابن زياد الموجود في الضفة الشمالية على شواطئ إسبانيا، بقيت الفنيدق حاملة لبعض معالم الاستعمار الإسباني الذي عانت منه المدينة مند 1956 وتتمثل أساساً في (عمارة كاراكول، مقر البشوية، المستوصف المحلي، قشلة الريفين، ومحطة القطار) وهي معالم ظلت شاهدةً على الاستعمار الإسباني للمدينة. ويبلغ عدد سكان مدينة الفنيدق حالياً حوالي 60 ألف نسمة من أصول مختلفة.
يعرف هذا المجال خاصة كدية كردوسة ظاهرة التعرية البحيرة بشكل كبير جدا، حيث تراجعت بعشرات الأمتار، وتحولت المرافق إلى مجاري بحرية، والسبب في ذلك هو تهيئة الساحل والتدخل فيه بشكل لا يراعي الشروط البيئية. مما أدى إلى اختفاء السكة الحديدية التي أنشأها الإستعمار الإسباني ولم يتبقى منها إلا القنطرة التي كان يمر منها في الإتجاه إلى محطة القطار التي أنشأت هي الأخرى على ضفاف الساحل، كما تعرف أيضا تعرية مائية خاصة المجالات العالية التي تحيط بها والتي تتميز بصخور غير قابلة لمقاومة التعرية وغير نافذة مما يودي بمدينة الفنيدق إلى فيضانات متتالية. وما يدل على ذلك وجود مجموعة من الأخاديد في السفوح الغربية للمدينة، والتي تتطور وتزداد إتساعا حتى تصبح مثل أودية صغيرة تصرف جميع التساقطات المتهاطلة في العالية إلى السافلة.
ومع تطور التعمير المتسارع على حساب ساحل الفنيدق، خاصة التعمير ذو الطابع السياحي، لجأ المهتمون بالشأن المحلي إلى تهيئة واد الفنيدق وإقامة عليه مجموعة من المرافق السياحية وذلك من أجل إستغلال المجال وتنظيمه.

2- مدينة سبتة المحتلة:
سبتة هي إحدى مدن إسبانيا تقع على القارة الإفريقية مقابلة لمضيق جبل طارق، تحدها من الشمال والجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط، يبلغ عدد سكان سبتة 82.376 نسمة (وفقاً لإحصائيات التعداد السكاني المؤرخ 1 يناير 2011)، وتبلغ مساحتها 19 كم مربع.
تتميز سبتة بمناخ متوسطي، و بدرجات الحرارة معتدلة وعدم انتظام هطول الأمطار. ساهم في ذلك عاملان مهمان:
1- جبل سيدي موسى: يلعب دورا أساسيا للوحدة الحرارية للمنطقة، حيث أنه يشكل حاجز للرياح المحملة بالرطوبة والقادمة من المحيط الأطلسي، مما يؤدي إلى هبوب رياح قوية تنزل عمودياً ما بين حافتي المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.
2- مياه مضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط: حيث أن الفرق في درجات الحرارة بين مياه المضيق والرياح المحملة بالرطوبة من الأطلسي تسبب في هطول الأمطار بغزارة، ولكن بغير انتظام.
يبلغ المتوسط السنوي لدرجات الحرارة في سبتة 16,6 درجة مئوية، تسجل أعلى درجات الحرارة في شهر يوليوز بينما تسجل أدنى درجات الحرارة في شهر يناير/فبراير، كما أن معدل سقوط الأمطار فيها يزيد عن الـ 600 ملم في السنة، ومعدل الرطوبة 84%.
ومدينة سبتة هي عبارة عن شريط صخري يتكون من تلال مطلة على البحر الأبيض المتوسط ومنخفض يتكون من الرمال عبارة عن لسان ثم نجد بعد هذا اللسان مرتفع القارة.
أما فيما يتعلق بعلاقة سبتة المحتلة بمدينة الفنيدق نجد أنهما مدينتين مرتبطتين بشكل وطيد جدا في التجارة خاصة التجارة غير الرسمية، وبالتالي فإن مدينة الفنيدق ازدهرت بهذه التجارة غير الرسمية وجعلت منها موردها الأساسي في جلب الرزق، فهذه التجارة لم تعد محدودة في هذه المدينة الصغيرة بل أصبح إشعاعها يتعدى الإقليم والجهة ليصبح إشعاعها وطنيا.
كما نجد أيضا ظاهرة الهجرة السرية بهذه المناطق، حيث تنشط هذه الظاهرة في الحدود بين الفنيدق وسبة وبين حدود سبة وجماعة بليونش، وما يدل على ذلك هو وجود مجموعة من الأفارقة في هذه المناطق الحساسة، بالإضافة إلى ذلك وجود الحرس الحدودي المغربي والإسباني بكثرة بهذه الحدود من أجل الحد من هذه الهجرة غير الشرعية.
ونظرا لحساسية هذه المجال، أصبح يعتبر من المجالات المهمة في الآونة الأخيرة، وحتم على المهتمين به التدخل فيه من أجل تنميته والحد شيء ما من التجارة غير الرسمية، وذلك بالقيام بمجموعة من المشاريع التنموية من قبيل: إنشاء ميناء صغير لصيد البحري، وتشجيع الإستثمارات السياحية بهذه المدينة، بالإضافة إلى إنشاء فرع من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ومن المشاكل التي تعاني منها المنطقة إلى جانب التعرية والتهريب والهجرة السرية نجد:
- عدم تجانس السكن بين العالية غير المنتظمة والعشوائية، وبين السافلة المنظمة، ويغزى ذلك إلى قربها من الساحل الذي يستغل للأنشطة السياحية المحضة.
- علاقة التأثير والتأثر بين مدينة الفنيدق وسبتة جعل قيمة العقارات ترتفع بشكل مهول.
- التلوث: حيث نجد أن مدينة الفنيدق تعلني من التلوث بكل مقايسة، بحيث نلاحظ أن مياه الصرف الصحي تقذف رأسا في الساحل، وكذا نجد أن المواد الملوثة الصلبة سواء القادمة من سبتة أو التي تنتج في مدينة الفنيدق توضع في هوامش المدينة مما يودي إلى تلوث التربة والمياه بمصدريها السطحي والباطني.
- تعدد الوظائف المتدحرجة من السياحية إلى الخدماتية إلى الصيد البحري بهذا المجال تعجل من ظاهرة التعرية بهذه السواحل مما ترتفع تكلفت تأهيله والمحافظة عليه من الإندثار بفعل التعرية البحرية.
المحطة الرابعة: محطة السبتية بمدشر النزالة العليا التابع لجماعة بليونش ومحطة الكدية البيضاء بجماعة تاغرمت.
من الناحية الطبيعية تتكون هذه المنطقة من تكوينات كوارتيزيتية وشيستية في السافلة التي تحد من نفاذية المياه، وتكوينات كلسية في العالية، هذا النوع من التدرج من التكوينات هي التي تعطي مجموعة من العيون المعلقة على طول المرتفعات بهذا المجال.
كما يشهد المجال هو الآخر ظاهرة التعرية بشكل كبير جدا، وذلك راجع إلى وجدود تكوينات شيستية تتعرض بشكل مستمر إلى التفسخ الميكانيكي، مما يزيد من مفعول التعرية التي تبدو واضحة جدا بالنظر إلى السفوح الحادة المخددة بشكل كبير جدا، وهذا التخديد راجع بالأساس إلى التكوينات الكوارتيزيتة والشيستية وطبيعة المنحدرات الشديدة الإنحدار وكذا التساقطات المركزة في الزمان والمكان.
وبالنظر إلى شكل هذا المجال نجده أنه يتدرج من مرتفعات الوحدة السبتية إلى الهضاب ثم ساحل الفنيدق، وهذا التدرج ذو الفارق الإرتفاعي الكبير جدا مع إدراج كمية التساقطات والتعرية هو الذي ينتج مجموعة من الفيضانات المتكررة لهذه السافلة، فرغم وجود هذا الخطر الطبيعي إلا أننا نجد مجموعة من الإشكالات رأسها استغلال المجاري المائية للإقامة وحدات سكنية، وإقامة مشارات زراعية بهذا المجال. كما تساهم أيضا التعرية في القضاء على الغطاء النباتي من أصل مطورالي الذي يحيط بهذا المجال، وما يزيد من تدهوره هو الاستغلال المكثف للمناطق الخلفية للسواحل في إقامة مشارات زراعية رغم وجود تربة هشة من أصل تكوينات شيستية.
ومن الناحية البشرية نلاحظ بشكل ملموس أن الساكنة جلها تتركز في المناطق المنخفضة خاصة بالقرب من الساحل، أما وراء هذا السواحل نجد مزيجا بين المناطق السكنية والفلاحية. بالإضافة إلى ذلك فإن اقتصاد هذه المنطقة يقوم على أساس التهريب، والأنشطة السياحية المحدودة التي تنشط فقط في فصل الصيف، هذا ما جعل المجال ضعيف من حيث الأنشطة الفلاحية وما يبرز ذلك هو وجود مشارات زراعية ضيقة وقليلة منتشرة هنا وهناك.
ومن المشاكل التي تعيق هذا المجال نجد:
- عدم انتظام المجال سكنيا رغم وجود قوانين تؤطر ذلك، والسبب الوحيد هو الإختلالات الإدارية. ومن أجل تخفيف الضغط على هذا المجال تم خلق طريق سيار من أجل تنظيم المجال.
- تعرض المنطقة للحرائق المتوالية.
- قوة التعرية التي تؤدي إلى تعمق الأخاديد.
- وكذلك قوة الرياح التي يمكن اعتبارها عائقا من ناحية القضاء على المنتجات الزراعية، واعتبارها عنصرا مطلوبا للإنتاج الطاقة الريحية، لكن في هذا المجال يغلب نفعها عن سوءها، حيث تم إنشاء محطة لتوليد الطاقة الريحية بعبد الخالق الطوريس، وهي محطة تنتج ما يكفي لسد حاجيات مدينة تطوان برمتها، وهذه المحطة أنتجت تحت استثمار ألماني صرف، إلا أن طاقتها توجه رأسا إلى المكتب الوطني للكهرباء وبالتالي إعادة بيعها. ومن منافع هذه الطاقة أيضا نجد أنها تخلصنا من ما مقداره 230 ألف طن من غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2.
- كما تم خلق أيضا محطة أخرى تابعة لجماعة تاغرمت التي يطلق علي ساكنتها الربع الغابوي ثالث أرباع قبيلة أنجرة المكونة من الربع الغابوي والربع البرقوقي والربع البحروي، وأقيمت هذه المحطة بالضبط في الكدية البيضاء. فهذه المحطة أقيمت دراستها سنة 1982 وتم العمل بها سنة 1992، وهي تحت استثمار فرنسي، لكن تمويلات هذا المشروع موزعة كالتالي:
 تتوفر هذه المحطة على حوالي 190 مروحية موزعة بين جماعة الجوامعة و جماعة ملوسة والكدية البيضاء، وتنتج هذه المحطة ما يقارب 140 مليون ميغاواط، وكل هذا راجع بالأساس إلى قوة الرياح التي تصل إلى 11 متر في الثانية.
لكن رغم منافع هذه المحطة ليس على الساكنة ولكن على الدولة إلا أنها تخلق مجموعة من المشاكل من قبيل الحوادث المتكررة والضوضاء الدائمة في المجال مما تؤثر على المنظومة البيئية خاصة الوحيش منها، وكذا تساهم في خلق تيارات ريحية غير طبيعية، ومع إضافة تأثير المقالع على هذه المنظومة فإن تدهور المجال يزداد بشكل كبير جدا، خاصة وأن جماعة تاغرمت تتوفر على مجموعة من المقالع للاستخراج مواد البناء، وبالتالي فإن تأثير هذه المقالع لا يقتصر فقط على تدهور المنظومة البيئية، وإنما يتعدى ذلك ليمس الساكنة على نطاق واسع. وهذا راجع بالأساس إلى عشوائية هذه المقالع ، وعدم تفعيل قانون 00.08 المتعلق بتنظيم استغلال المقالع.
كما أن جماعة تاغرمت لا تقتصر على تنمية مواردها المالية من هذه المقالع بل أيضا تزيد من إرتفاع مداخلها من خلال تحويل التكوينات الكلسية بعد طهيها إلى الجير الذي يستعمل في الطلاء.
كل هذا جعل هذا المجال يكتسي أهمية بالغة، واستقباله مجموعة من المشاريع من نوع خاص، فالتكوينات الصخرية الكلسية الضلوميتية وموقعها داخل التراب الوطني جعلها محطة أنظار عديدة للقيام بمثل المشاريع السالفة الذكر.

المحطة الخامسة: عالية واد الرمل المطلة على الميناء المتوسطي ومحطة السيارات بالميناء:
أنشأ ميناء طنجة المتوسطي سنة 2004، وتم تدشينه سنة 2007 من طرف العاهل المغربي محمد السادس، فهذا المشروع غير بصفة كاملة المنظومة المجالية القديمة، وأعطى للمجال قيمته على خلاف ما كان عليه في السابق. وهو مشروع ذو طابع إمارتي محض وتمويل أيضا إمارتي.
يتواجد هذا المشروع على مساحة تقدر بحوالي 400 هكتار تتوزع على الشكل التالي:
- 2.5 كلم مخصصة لرصيف.
- 30 هكتار مخصصة لتصدير السيارات، تسمح باحتضان حوالي 770 ألف سيارة.
- 40 هكتار مخصصة للمنطقة الوجيستيكية. توجد خلف الميناء.
بالإضافة إلى محطة خاصة للصناعة، ومحطة لتخزين الحبوب، وأخرى لتخزين البنزين ( الوقود) الذي مساحته تقدر ب 4.5 هكتار، وكذا المجال المخصص للحاويات الذي يسع إلى حمل 7 ملاين حاوية في انتظار رفع عدد الحاويات إلى 12 مليون حاوية، بالإضافة إلى ميناء السافرين الذي تم تحوله من طنجة إلى ميناء طنجة المتوسطي. ومناطق خاصة الإدارة.

ويعتبر أيضا ميناء طنجة المتوسط ممرا إجباريا للسفن القادمة سواء من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يستقطب سنويا 5000 سفينة، وهذا ما جعله يكتسي أهمية بالغة ويعتبر ميناء إفريقيا الشمالية.
ساهم هذا المشروع الكبير في إنعاش الحركة الملاحية بشمال إفريقيا، وفي تنمية المنطقة خاصة فيما يتعلق بتوفير اليد العاملة حيث يشغل هذا الميناء 3000 فردا، كما ساهم أيضا هذا المشروع في تخفيض نسبة عدد العاملين في التجارة غير الرسمية، وبفضله أيضا تم إنشاء المحطة العسكرية لمراقبة الحدود الداخلية والخارجية للبلاد. وإنشاء سد واد الرمل ما بين سنتي 2008 و 2009 لتوفير المياه للميناء، والذي يسع لحمل ما مقداره 16 المليون متر مكعب، لكن هذا السد لا يوفر المياه الكافية لسد حاجيات الميناء، والسبب في ذلك هو قلة وضعف الأودية التي تغدي هذا السد.
رغم ذلك فإن هذا المشروع وضع مجموعة من المشاكل والتي تتلخص في:
- خلق صراعات بين الساكنة والدولة في ما يخص الترخيص لبناء الميناء، حيث كان هناك رفض لساكنة إقامة الميناء في أراضيها. ولم يخلص الأمر إلا بتدخل الجامعة والجمعيات المدنية للإقناع الساكنة بأهمية هذا المشروع في خلق تنمية لمجالهم.
- تأثير الميناء على السير العادي للمنطقة.
- معانات المجال المحيط بالميناء من مخلفات المواد الملوثة الناتجة عنه،
- مشاكل التخلص من التربة التي ينتجها الميناء.
فرغم ذلك فإن هذا الميناء يعتبر منافسا هاما للوساطة بين أوروبا وشمال إفريقيا، لمنطقة البحر المتوسط وللوساطة بين الدول الخليجية باتجاه شمال أمريكا. حيث يُعد المهم على الجانب الأسفل من البحر الأبيض المتوسط والمنافس الأهم لميناء الجزيرة الخضراء في إسبانيا.
خاتمة :
غداة الاستقلال ركزت الدولة مجهوداتها التنموية على القطاعات و المجالات التي توفر شروط الاستثمار المربح و التراكم المالي، بينما ضلت باقي المناطق على الهامش. و هي سياسة مبنية على منطق اقتصادي يؤدي في النهاية إلى توزيع المجال إلى مناطق منتجة نافعة قابلة لأن تدمج في الاقتصاد العصري، و مناطق هامشية، لا تتوفر فيها هذه الشروط.
تشكل جبال الريف جزء من هذا الهامش، فعلى الرغم من تدخل الدولة المبكر في مجال حماية البيئة و التنمية القروية في إطار مشروع "الديرو"، إلا أنها ظلت تعاني من تراكم مظاهر التأخر سنة بعد أخرى، لأن هذا التدخل جاء في إطار "استراتيجية اقتصادية تعتمد المقاربة القطاعية و التي لم تمكن هذه المناطق الجبلية من الاستفادة منها " (علي فجال 1996). و من أجل خلق نوع من الدينامية الذاتية و بحثا عن الاندماج السوسيواقتصادي عمد سكانها إلى الاعتماد على الاقتصاد الغير مهيكل و المعتمد أساسا على القنب الهندي و التهريب و الهجرة السرية.( جمال شعوان).
وما زاد الطين بلة هو معاناة المناطق الجبلية من العديد من المشاكل التي جاء من أجلها مشروع الديرو وعمد على التخفيض منها من قبيل: التعرية الناتجة عن الصخور الهشة والتساقطات المركزة في الزمان والمكان، وكذا الحد من الفيضانات التي كانت تغمر الأراضي المنخفضة في الغرب والتي كانت عبارة عن أراضي فلاحية لكبار الدولة والمستعمرات.
وفي الآونة الأخيرة ظهرت مشاكل أخرى والمتمثلة في الزحف على السواحل من أجل القيام بمشاريع سياحية، والتي لا تساهم إلا في إندثار هذه السواحل والحد من التبادل الطبيعي بين البحر والقارة مما أدى إلى تآكل المنحدرات الساحلية المطلة مباشرة على البحر.
كل هذا يجب أخده بعين الإعتبار من أجل خلق قوانين تؤطر هذه السواحل من أجل الحفاظ على ما تبقى منها، للأن استمرارها على ماهي عليه الآن، سوف تصبح في زمان كان. وبالتالي إندثار السواحل واختفاء الملك العمومي بهذه المناطق الشمالية.


المحاور المعتمدة
العنوان الصفحة
مقدمة........................................................................................1
المحطة الأولى: ربوة دار سكيرج..........................................................3
1- من الناحية الطبيعية.....................................................................3
أ‌- سهل مرتيل.............................................................................3
ب‌- الذروة الكلسية..........................................................................4
ج- كدية الطيفور...........................................................................4
2- من الناحية البشرية ...................................................................5
المحطة الثانية: حوض سمير.............................................................6
المحطة الثالثة: ساحل الفنيدق ( كدية كنديسة)...........................................8
1- مدينة الفنيدق..........................................................................8
2- مدينة سبتة المحتلة...................................................................10
المحطة الرابعة: محطة السبتية بمدشر النزالة العليا التابع لجماعة بليونش ومحطة الكدية البيضاء بجماعة تاغرمت................................................................11
المحطة الخامسة: عالية واد الرمل المطلة على الميناء المتوسطي ومحطة السيارات بالميناء....................................................................................15
خاتمة .....................................................................................20
المحاور المعتمدة.........................................................................21



Commentaires