أطروحة بدواح محمد، 2001-2002، " دور زراعة الكيف في التحولات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية وآفاق التنمية في جبال الريف: نماذج من الريف الأوسط ".
تعالج أطروحة بدواح موضوع "دور زراعة الكيف في التحولات الاقتصادية والاجتماعية والمجالية وآفاق التنمية في جبال الريف: نماذج من الريف الأوسط "، الذي يعد من المواضيع الهامة والشائكة التي يصعب دراستها، والبحث، فيها وكذا التعمق فيها بالشكل الذي يخدم العلم والمعرفة، فأطروحة بدواح حاولت معالجة زراعة الكيف ومدى التحولات التي يمكن أن تخلقه في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وكذا المجالية والثقافية، من خلال وضع مجموعة من الأسئلة من قبيل:
- ما هي الظروف العامة المساعدة على التحولات بالريف الأوسط؟ وكيف استطاع الفلاحون أن يتعاملوا مع المعطيات الطبيعية بالرغم من شدة الانحدار وفقر التربة وقلة المياه المستغلة في المجال الفلاحي؟
- ويبقى السؤال المركزي؛ كيف يمكن تفسير الدور الطلائعي لزراعة الكيف بالتحولات بالريف الأوسط؟
سؤال عريض وجوهري تمت معالجته من طرف الباحث من خلال ثلاثة أقسام، تقتسم تسعة فصول.
تدور أحداث الفصل الأول حول الجوانب المنهجية والإجرائية، من خلال تعريف الموضوع وحدوده، ودراسة جبال الريف اقتصاديا واجتماعيا ومجاليا. بالإضافة إلى معالجة التنمية بجبال الريف التي أكد أنها محتشمة من خلال المخططات والبرامج التي أقيمت فوق ترابها.
أما القسم الأول فيتحدث عن الظروف العامة للتحولات في جبال الريف، من خلال إبراز المعطيات الطبيعية المحدودة للمجال. كحالة وحدة كتامة التي لم تساعدها مؤهلاتها الطبيعية القيام بالفلاحة. سواء تعلق الأمر بالتضاريس الوعرة والانحدارات الشديدة، والظروف المناخية السائدة. وكذا العوامل التي جعلت المجتمع القبلي يتفكك من خلال تحليل التنظيم الاقتصادي والاجتماعي والمجالي. مع مراعاة العلاقات الإنتاجية التي طبعت النظام القبلي للإنتاج عبر مجموعة من الفترات أو المراحل، بداية بفترة ما قبل مجيء الاستعمار ونهاية بفترة ما بعد الستينات أي بعد الاستقلال. فهذا المجال القبلي عرف تفكك اقتصاديا واجتماعيا ومجاليا، من أسبابه النمو الديموغرافي السريع الذي يوازيه في المقابل التراجع الحاد للموارد الاقتصادية والطبيعية التي أفرزت ضغطا كبيرا على المجال. كما هم هذا القسم أيضا اقتصاد المناطق القروية الذي يتميز بزراعة الكيف واستثمار مشتقاته، والانفتاح عن الأسواق الخارجية، رغم أن هذا كله سيؤثر لا محالة على بنياتها السياسية وعلى مصيرها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في أفق التحولات المستقبلية.
فيما يخص القسم الثاني استعرض فيه الباحث التحولات التي ظهرت في المنطقة الجبلية وهوامشها في ثلاثة مستويات: الأول يتعلق بالتحولات الاقتصادية التي ترتكز على الصناعة الفلاحية، وتطورها مع زراعة الكيف ومشتقاته. فهذه العملية ساهمت في ارتفاع دخل الفلاحين وتحسين مستواهم المعيشي، أما الثاني فيرتبط بالتحولات الاجتماعية التي طرأت على المجال من خلال تدهور العلاقات الاجتماعية وبروز الفردانية، وكذا ظهور صنف آخر بعد عودة المهاجرين، سمي على حد تعبير الباحث بالبرجوازية التجارية والوصولية، بينما المستوى الثالث خصص للتحولات المجالية التي طرأت على الحيازات الفلاحية وعلى البنيات التحتية وكذا السكن القروي، والتجمعات السكنية بالمراكز القروية.
وفي الأخير القسم الثالث الذي اهتم بالحديث عن تدخلات الدولة وآفاق التنمية الشاملة بجبال الريف، من خلال البحث عن البديل الاقتصادي لمجال جغرافي يتسم بالإنغلاق على مستوى أنشطته غير المشروعة المرتبطة بالتهريب وزراعة الكيف وبالهجرة السرية، هذه التدخلات باءت بالفشل بسبب عدم مشاركة الفلاحين وعدم الأخذ بأمرهم في هذا الصدد، وبهذا لا يمكن أن تتحقق التنمية بهذا المجال إلا بمعية الإنسان ولصالحه أيضا بعيدا عن الأيديولوجيات والثقافة التي قد تقف حجرة عثرة أمام الفعل التنموي.
Commentaires