المقالات والمحتويات

قصص قصيرة

وظائف المجالات الحدودية: حالة الحدود المغربية الاسبانية، سبتة نموذجا.





تقديم:
بشكل عام فوظائف الحدود كثيرة ومتعددة، وتختلف أهميتها من بلد لآخر إذ نجد الحدود في غالب الأحيان تقوم بوظائف  مختلفة ومتباينة الأهمية من بلد لآخر، ومن أهمها الوظائف الدفاعية ضد الأخطار الخارجية وكما هو معروف فإن الحدود هي مظهر من مظاهر السيادة، والدول لا تقبل أن تمس سيادتها، كما أن الحدود تحمي الوطن من أي نوع من أنواع المخاطر التي تهدد الدولة ومواطنيها من سبيل الأفراد الذين يشكلون خطرا على الأمن وسلامة الأفراد جسديا ومعنويا، كما أن للحدود دور في مراقبة وتنظيم الأفراد والبضائع فهي بهذا الشكل تحمي الاقتصادات الوطنية من غزو الاقتصادات الدول الأخرى ونضرب هنا مثل بالصين التي تشكل سلعها الرخيصة تهديدا حقيقيا على اقتصادات الدول الأخرى، ناهيك عن وظائف أخرى كثيرة جدا ومن الصعب حصرها. هذا على المستوى الدولي العام والابعاد الجيوستراتيجية التي تقوم بها الحدود.
كما أن للحدود وظائف أخرى متعددة محلية زاوية النظر فيها هي مختلفة بعض الشيء عن الوظائف التي تم ذكرها سلفا، حيث يمكن النظر للحدود عبر الوظائف التي تقوم بها على المستوى الوطني أو المحلي وهي تأخذ أبعادا متعددة ومتغايرة سنبدأ في سردها حسب المجال الذي يهم موضوع دراستنا وهي الحدود بين سبتة المحتلة والحدود المغربية التي تتمثل في مدينة الفنيدق والجماعة القروية بليونش ولحساسية المجال الحدودي الكبرى على هذا المستوى فإنه يتميز بالعديد من الخصوصيات وسنبدأ في سرد الوظائف التي تهم هذا المجال حسب الأهمية.
1 – الوظيفة العسكرية:
تتجلى هذه الوظيفة في مراقبة الحدود من طرف الجانبين نظرا للصراع القائم بين البلدين أولا حول الحدود، ولأن هذه الأخيرة تعتبر مجال انتقال بين قارة أوروبية غنية وأخرى إفريقية فقيرة، ولهذا فهو يستقبل العديد من التيارات الهجرية الإفريقية الراغبة بالانتقال نحو أوربا، لهذا نرى العديد من الأنشطة العسكرية والاستراتيجية المستقرة على طول الشريط الحدودي بين سبتة والمجال المغربي لمراقبة هذه التيارات بالإضافة إلى أن المجال معروف بالعديد من الأنشطة الغير شرعية مثل تهريب المخدرات لهذا فالوظيفة العسكرية تعمل على الحد من هذا النشاط، زيادة على ذلك فالوظيفة الأمنية والعسكرية تقوم بتنظيم عمليات انتقال المهاجرين في معبر باب سبتة الذي يعرف ضغطا كبيرا عند حلول فصل الصيف مع مجيئ المهاجرين المغاربة إلى أرض الوطن ومن ثم عودتهم إلى بلد الاستقرار. وهذه الأدوار التي تقوم بها الوظيفة الأمنية والعسكرية تعتبر من أهم الوظائف وأكثرها حساسية في هذا المجال.
2 – الوظيفة الاقتصادية
يتواجد بالشريط الحدودي خاصة باتجاه الفنيدق العديد من الأنشطة الاقتصادية تجارية بالدرجة الأولى بيينما تتواجد أنشطة أخرى متفاوتة الأهمية فلاحية وصناعية وسياحية.
2-1 الوظيفة التجارية:
يتميز المجال الحدودي المدروس بدينامية كبرى على المستوى التجاري، إذ تنشط تجارة التهريب بشكل كبير من سبتة اتجاه الأسواق المحلية، حيث قيمة المواد المهربة تقدر بملايير الدراهم سنويا ويشتغل آلاف الأشخاص في هذا النشاط سواء كانوا أصحاب رؤوس أموال أم أنهم مجرد مستخدم يقوم بحمل السلع على ظهره ويتجاوز بها المعبر بدون أداء الرسوم الجمركية، وتشير التقديرات أن عددهم حاولي 20 ألف مستخدم ومستخدمة، ويلاحظ التواجد الكبير للنساء بالقيام بهذا العمل الشاق.
 وتتنوع المواد المهربة من مواد غذائية إلى ألبسة وتجهيزات منزلية وأفرشة والعديد من المواد الأخرى التي تخرج بدون أداء الرسوم الجمركية بتواطؤ واضح بين السلطات المغربية والإسبانية، أما في ما يخض القطاع المهيكل فهو يشكل نسبة قليلة نظرا للتأثير السلبي الذي يمارسه عليه النشاط الغير المهيكل، لكن نشاط التهريب لا يتم فقط من سبتة اتجاه الفنيدق، إذ أنه متبادل بين المدينتين حيث يتم تهريب العديد من المواد الاستهلاكية نحو سبتة من قبيل الخضروات والفواكه المغربية...
وإذا كان نشاط التهريب له تأثير كبير على الاقتصاد المحلي والوطني نظرا لما يسببه من منافسة تسبب تراجع للمبيعات المتواجدة بشكل قانوني فهو يشكل المجال الأكبر لاشتغال العديد من أبناء ساكنة المناطق الشمالية خصوصا ساكنة الفنيدق والمضيق وتطوان ومارتيل، والسبب في تفضيل الاشتغال في هذا المجال يعود في المدخول الجيد نسبيا إذا ما تم مقارنته في الاشتغال في مجالات داخل الأراضي المغربية.



بالإضافة إلى الصورة التي رأينا سابقا توجد العديد من السلع الأخرى المهربة والتي تنشط  التجارة الغير المهيكلة على المستوى المحلي سنستعرضها على الشكل التالي.




نلاحظ من خلال الصور التي أمامنا التنوع الكبير في المواد المهربة عبر باب سبتة، والتي تنشط التجارة الغير مهيكلة المتواجدة بالأسواق، وجدير بالذكر أن يوم الأحد تتحول مدينة الفنيدق إلى سوق كبير حيث يحج الكثير من الأشخاص من مختلف المناطق للتزود بهذه الواد التي تتميز بتكلفتها المنخفضة، لكن العديد من هذه المواد يجب طرح الكثير من الأسئلة حولها من حيث جودتها خاصة المواد الغذائية التي يكون تاريخ انتهاء صلاحيتها قد انتهى أو قريب من الانتهاء والتي لا تخضع لعمليات المراقبة.    
2-2 الوظيفة السياحية:
يتميز الشريط الحدودي من جهة الجماعة القروية بن يونش بموقع يتوفر على مناظر طبيعية ومشاهد بانورامية خلابة أثثتها مجموعة من العناصر الطبيعية مثل الشريط الساحلي الذي يتميز بخاصية متفردة جدا خصوصا شاطئ بن يونش بالإضافة إلى هذا توجد في مجال هذا الأخير محمية طبيعية وهي محمية جبل موسى حيث تتواجد بعض من الأنواع الحيوانية المهددة بالانفراض مثل قرد زعوط وبعض أنواع الطيور المهاجرة مثل هذه الأمورمن شأنهما إذا ما تم الاعتناء بهما بشكل جيد أن يساهما في تنشيط السياحة البيئية والجبلية.
 الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فهناك العديد من العناصر الأخرى التي تعتبر تراثا طبيعيا وتاريخيا فكلنا نعرف الدور الذي لعبه هذا المحور في عملية فتح الأندلس حيث بدأت رحلة موسى بن نصير من هذا المكان ولهذا نجد القمة الأكثر ارتفاعا بالمنطقة سميت باسمه، كما لا ننسى جزيرة ليلى المتنازع عليها المتواجدة بالقرب من قرية بن يونش.
 إلى جانب هذه الخصائص على الجانب الآخر يتواجد شاطئ تمودة بي الممتد من مدينة الفنيدق حتى مدينة المضيق الذي يتوفر على بنيات جيدة مقارنة بالمجال السابق. لكن هذه الخصائص لا يتم استغلالها بالطريقة التي يمكن أن تشكل مصدرا للتنمية السياحية بالمنطقة، فعدم توفر بنيات تحتية جيدة إلى جانب غياب لبنيات الاستقبال من قبيل الفنادق والإقامات السياحية ما عدا بعض الوحدات المتواجدة بمدينة الفنيدق التي تشكوا من قلتها وضعف جودتها، يجعل النشاط السياحي بهذا المجال يتسم بمحدوديته وقلة مردوده رغم كل المميزات التي تم ذكرها.

2-3 الوطيفة الفلاحية:
نظرا لطبيعة المنطقة وتضاريسها فإن النشاط الفلاحي بالمنطقة ضعيف جدا ولا يرقى إلى المستوى المطلوب، وبما أن الساكنة تعتمد في المجال المدروس على مصادر دخل أخرى فإن اهتمامها بالفلاحة يظل ضعيفا وهو بمثابة نشاط غير مرغوب فيه. يساعد على هذا كما قلنا الطبوغرافيا الصعبة المتواجدة وهذا ما يؤدي إلى غياب الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، ورغم أن المجال يتوفر على غطاء نباتي يساعد على تربية المواشي خصوصا المتعودة على التضاريس والظروف الصعبة إلى أن هذا النشاط لا يعرف اهتماما كبيرا هو الآخر.

وتبقى معظم الانتاجيات الزراعية المتواجدة موجهة للاستغلال المعيشي الذاتي، من قبيل بعض البقوليات والخضروات والحبوب من قبيل الذرة وزراعات أخرى ضعيفة...
2-4  الوظيفة الصناعية
لا تختلف الوظيفة الصناعية كثيرا عن نظيرتها الفلاحية، فهذه الأخرى تشهد غياب شبه تام عن المجال المدروس ولا تتواجد إلا بشكل محتشم جدا، يهم هذا التواجد بعض الوحدات الصناعية الغذائية لا يتجاوز عددها 5، بالإضافة إلى وحدات في مجال الصناعة التعدينية التي يبلغ عددها وحدتين اثنتين. المشتغلين في هذا القطاع يعانون من ضعف المردودة ويدعون إلى تحسين أوضاعهم، وينقسمون بين مشتغلين يشتغلون في صناعات تقليدية محلية، وآخرون في صناعات عصرية.
خلاصة القول أن مجال الصناعة لا يرقى إلى المستوى المطلوب حاليا، ولا ينبأ ببوادر خير حتى على المستوى القريب، اللهم إذا تم فتح مشروع المنطقة الصناعية الحرة المراد تشييدها بين مدينة سبتة ومدينة الفنيدق والغرض منها إلى جانب البعد الاقتصادي ضرب اقتصاد مدينة سبتة. لكن هذا المشروع يواجه بعض الصعوبات المالية فهو من المفروض أن يكون قد تم انجازه مع الميناء المتوسطي لكنه لم يخرج بعد إلى الوجود كما قلنا لأسباب مالية وسياسية.
3 – الوظيفة الطبيعية
يلعب الشريط الحدودي ما بين سبتة المحتلة والمجال المغربي ادوار مهمة على المستوى الطبيعي. فمناخ المنطقة الذي يتميز باعتداله وتضاريسه وغطائه النباتي المتنوع يقومون بعديد الأدوار التي تساهم في الحفاظ على الخصائص التي يتميز بها هذا المجال.
فالمناخ المعتدل يسمح بالتنوع البيولوجي الكبير لا على الجانب الحيواني ولا على جانب الغطاء النباتي، حيث نجد بالمجال المدروس كما تمت الاشارة سابقا إلى العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية المتميزة.
أما الغطاء النباتي المتواجد بالمنطقة فهو يقوم بوظيفة أساسية متمثلة في الحفاظ على جودة التربة عبر مدها بالمواد العضوية التي تقوم بتخصيبها، كما أنه يقوم بوظيفة ثانية لا تقل أهمية متمثلة في حماية التربة من الانجراف، ليس هذا فقط فالغطاء النباتي والغابوي يساهم في تلطيف الجو وتحسين جودته عبر انتاج الأكسجين واحتجاز ثاني أكسيد الكربون، كما أن للغطاء الغابوي أدوارا أخرى كتنظيم الجريان، وإعطاء منظر طبيعي مدهش يسر العين  ويريح النفس...
إن الشكل المرفلوجي للتضاريس المتواجدة بالمنطقة يعطيها منظرا طبيعيا منفردا، والتنوع الايكولوجي أهلها بأن تصنف كموقع ذو أهمية جيولوجية وإيكولوجية نظرا لتواجد العديد من الأشكال حيث يوجد هناك ما يعرف بالمرأة الميتة ( la mujer muerta  باللهجة المحلية) وهو  شكل شبيه بمرأة ميتة متكون من مجموعة من الصخور المتوالية.
صورة توضح شكل تظاريس عبارة عن مرأة مستلقلية la mujer muerta



في ما يتعلق بالتضاريس التي يتجاوز ارتفاعها 600 متر فهي تقوم بالحد من سرعة الرياح خصوصا أن موقع المنطقة الجغرافي يجعلها عرضة للكثير من التيارات الهوائية القوية الآتية عبر مضيق جبل طارق من جهة الغرب، فالمنطقة تعرف العديد من الاضطرابات الجوية، إذ من الممكن أحيانا أن تشكل سرعة هذه الرياح والاضطرابات الحاصلة خطرا على الموارد الطبيعية والبشرية الموجودة، ونظرا لعدم وجود سهول بالمنطقة فمعظم التساقطات التي تتحول إلى جريان سطحي يتم تصريفها مباشرة في البحر وبسرعة كبيرة.
4-  وظائف بشرية اجتماعية وترفيهية
إلى جانب الوظائف المتعددة التي تم ذكرها سلفا، فإن المجال الحدودي المدروس تتواجد به وظائف أخرى متنوعة يمكن ذكر البعض منها على الشكل التالي:
4-1 وظيفة سكنية:
الوظيفة السكنية شدة في التباين على هذا الشريط الحدودي فمن جهة قرية بن يونش لا نجد أدوارا سكنية مهمة حيث بعض المساكن المتفرقة هنا وهناك، باستثناء بعض التجمعات الصغيرة جدا التي لا يتجاوز عدد المساكن فيها بعض العشرات هذه التجمعات نجدها بمركز جماعة بن يونش أما المناطق الأخرى المحاذية فلا توجد هناك تجمعات.
إما إذا انتقلنا من ناحية الفنيدق فسنجد إن الوظيفة السكنية لهذا المجال تطرح نفسها بقوة، فمدينة الفنيدق التي يزيد عدد سكانها عن 55 ألف نسمة(53.559 حسب إحصاء  2004- و 34.486 حسب احصاء 1994) يتزايد عدد سكانها بشكل سريع للغاية يوم عن يوم، بفضل مجموعة من العوامل أهمها الهجرة، هذا ما جعل النسيج الحضري للمدينة ينمو بسرعة كبيرة خاصة في الآونة الأخيرة الأمر الذي أفرز عنه العديد من مظاهر التعمير بشتى أنواعه، ويرتبط النمو السكاني الذي شهدته المدينة بنشاط التهريب الذي يعد النشاط المستقطب الأول للانتقال للسكن في هذه المدينة.
4-2 وظيفة رياضية ترفيهية للترويح عن النفس
إذ كان الكلام عن هذه الوظائف من جهة الفنيدق لا يمكن بسبب أن هذا الأخير هو مجال حضري لا يوفر أوساط يمكن من خلالها ممارسة هذه الوظائف باستثناء وظيفة الصيد بشاطئ الريفيين، فإنه على الجهة المقابلة التي يتميز مجالها بكثير من الهدوء التي تمكن الانسان بالابتعاد عن مصادر الضوضاء، حيث يجد الفرد ضالته بالاستمتاع بهذا الجو اللطيف الذي يبعث في النفس الكثير من الراحة، ويوفر هذا المجال الكثير من العناصر الطبيعية المتنوعة( بحر- شاطئ – جبال- مجال أخضر..) التي تساعد على الترفيه والتنزه وممارسة شتى أنواع الرياضات والهوايات من قبيل التأمل والصيد ورياضة الجري...الخ. هذه الوظائف نجدها بارزة أكثر في فصلي الربيع عندما تلبس المنطقة حلة خضراء ناضرة والصيف الذي يأتي العديد من الوافدون من مختلف المناطق المغربية للتمتع بالمناظر الخلابة المتواجدة على مدار قرية بن يونش.

4-3 وظائف علمية تربوية
نظرا للخصائص الطبيعية المتوفرة ولموقع المجال الاستراتيجي والدور التاريخي الذي لعبه، فإن هذه الخصائص جعلته يحتل مكانة متميزة من لدن كافة أطراف المجتمع، لذى فهو يحظى باهتمام كبير من طرف الباحثين في مختلف مجالات العلوم خصوصا الطلبة الجامعيون الذين ينجزون عدد من الدراسات حوله كما هو الشأن بالنسبة لنا، حيث أنشئت  العديد من الدراسات العلمية حوله وما زالت كذلك على كافة المستويات الدراسية، كما أنه يلعب دورا تربويا للعديد من أطفال المؤسسات التعلمية من مختلف المناطق المحاذية.
على المستوى المحلي فهذا المجال يتوفر على العديد من المؤسسات التعليمية والدور الدينية التي تلعب أدوار طلائعية في التنمية الثقافية في المجتمع المدروس، فلا زال المسجد يقوم بوظائف دينية وتربوية تحظى باحترام كبير من لدن الساكنة المتواجدة بهذا المجال الذي يعتبر معظم ساكنته آتية من مجالات ريفية أخرى لهذا نجد هذا الاهتمام رغم تراجعه بالمؤسسات الدينية التقليدية.
5- المجال الحدودي وسط استقبالي بامتياز
يستقبل هذا المجال الحدودي العديد من الانشطة الاستقبالية نظرا للدينامية الكبيرة التي يعرفها بالإضافة إلى الأهمية الكبيرة التي يحتلها ويمكن ذكرها والنظر فيها من جوانب متعددة على الشكل التالي:
5-1 استقبال الثكنات العسكرية والوحدات الجمركية
كما سبقت الاشارة سابقا فهذا المجال يحتل مكانة استراتيجية مهمة، لهذا فهو يستقبل العديد من الأنشطة والثكنات العسكرية التي تسهر على تنظيمه ومراقبته، حيث لاحظنا تواجد العديد من الأفراد والوحدات العسكرية منتشرة على طول الشريط الحدودي من كلا الجانبين، إلى جانب الوحدة المركزية الأساسية وهو معبر باب سبتة الذي تتواجد به العناصر الجمركية المغربية والاسبانية اللتان تعملان على تنظيم ومراقبة الوافدين على مدينة سبتة من اتجاه الفنيدق أو العكس، فكل يوم ينتقل المئات من الأشخاص عبر هذا المعبر الحيوي، حيث نقطة عبور مهمة ليس فقط محليا أو وطنيا بل حتى بين القارة الأوربية والإفريقية.


يتبين لنا من خلال هذه الصورة ومن خلال الزيارة الميدانية التي قمنا بها أن حركة العبور لا تتوقف بهذا المعبر، لكن أهميتها تتفاوت حسب الأيام والأوقات، فخلال الأيام الأولى من بداية الأسبوع وفي الساعات الأولى من الصباح الباكر تشهد عملية العبور حركية كثيفة بسبب دخول العاملين في قطاع التهريب إلى مدينة سبتة لإخراج السلع وحملها على ظهورهم وبين أيديهم في مشهد مثير للشفقة في كثير من الأحيان بسبب بعض الممارسات المشينة التي يقوم بها أفراد الجمارك - المغربية على وجه الخصوص- تجاه المهربين ويزيد الأمر فظاعة مع المهربات من النساء اللواتي يتعرضن لشتى أنواع السب والشتم والضرب، في مشهد يعبر عن الكثير من الاهانة والمذلة، وجدير بالذكر أن الصور التي تم التقاطها في هذا المعبر تمت بشكل خفي بسبب منع التصوير في هذا المحور لحساسيته الكبيرة.               
من جانب آخر يستقبل هذا المجال العديد من الأنشطة الأخرى كوسائل المواصلات وتصريف الودائع والنفايات واستقبال شبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
5-2 وسائل المواصلات
من حيث المواصلات ونظرا لحركة التراقص اليومية بين سبتة المحتلة والمناطق المغربية المحاذية؛ فإنها تعرف حركية كبيرة إذ تنقل المئات من الأشخاص يوميا من معبر باب سبتة نحو مدن الفنيدق، المضيق، تطوان، ومارتيل. أو من قرية بن يونش نحو نفس هذه المدن حيث الارتباط الكبير والتبعية بمختلف جوانبها لسكان هذه الجماعة للمدن القريبة منها حيث تقضي جميع احتياجاتها إدارية كانت أو اقتصادية... والوسائل الأكثر استعمالا هنا هي سيارات الأجرة من الحجم الكبير التي يقدر عددها بالعشرات. أما شبكة الطرق فهي متوفرة على شكل واسع وبحالة جيدة مما يساعد على سهولة الانتقالية بين المناطق المذكورة.


5-3 أنشطة استقبال متنوعة
في واقع الأمر أن المجال الحدودي الذي نحن بصدده يشهد دينامية كبيرة، ويقوم باستقبال وظائف شتى يطول الحديث عنها، ونظرا لهذه الدينامية التي يعرفها يصعب علينا ضبط كل الوظائف المتواجدة به، ويمكننا أن نقوم بذكر أنواع منها تعتبر ذات أهمية، فعلى سبيل المثال يستقبل هذا المجال أنواع متعددة من أبراج وشبكات الاتصال السلكية واللاسلكية التي تقوم بأدوار مختلفة. حيث يوجد هناك بعض الأبراج ذات وظيفة عسكرية تقوم بمراقبة الحدود البرية والبحرية بتقنيات متطورة، وهناك أبراج أخرى دورها يقف على توزيع التغطية لشبكات الهاتف والانترنيت... بينما هناك شبكة وأعمدة أخرى تقوم بتوزيع الكهرباء على ساكنة المنطقة.
من جانب آخر لاحظنا أن المجال يقوم باستقبال شتى أنواع النفايات والودائع الناجمة عن الاستغلال المنزلي، حيث يتم التخلص من هذه النفايات سواء السائلة منها أو الصلبة بطريقة عشوائية في المجالات الطبيعية، في غياب أي وعي بيئي، هذا الفعل لديه نتائج وخيمة على الأوساط التي يتم التخلص على حسابها من هذه النفايات...
خلاصة:
كما رأينا من خلال هذا المحور فإن المجال الحدودي المدروس تتواجد به العديد من الأنشطة والوظائف، لكن أهميتها تتفاوت، ويمكن قول أن أهم وظيفة يقوم بها هي الوظيفة التجارية، لارتباط هذا المجال بأنشطة التهريب من سبتة المحتلة، لهذا نجد انتشارا واسعا للتجارة الغير مهيكلة التي تضر بالاقتصاد المحلي والوطني، وتتوزع الوظائف ما بين وظائف طبيعية واجتماعية واقتصادية...منها ما هو سلبي يجب علينا القطع معه والتخلص منه، ومنها ما هو ايجابي علينا أن نحتفظ به نثمنه وننميه في ظل العديد من المشاكل التي يعانيها هذا المجال المدروس الذي يتوفر على امكانيات لو تم استغلالها بطريقة  أفضل فإنها ستشكل إضافة قوية من شأنها المساهمة بدفع عجلة التنمية إلى الأمام. فما هي المشاكل التي يعاني منها المجال الحدودي؟ وما هي الوسائل والطرق الممكنة التي من خلالها سنتمكن من تثمين موارد هذا المجال وتنميتها؟؟؟ 




Commentaires