ترجمة المحور الثالث من الفصل الثاني لأطروحة رافع طبيب تحت عنوان:
آثار الحدود التونسية_ الليبية على إعادة التشكيل الإقتصادي والإجتماعي لورغامة:
من حيازة المجال إلى إعادة تملكه.
المحور الثالث:
تهيئة جديدة للنظم الفاعلة في الجفرة: الإستراتيجيات المكانية لشبكات ،المنافسات، التحالفات، التسلسل الهرمي والإنحراف عن الدور الحدودي.
1. إعادة تشكيل النخب المحلية إلى رؤساء شبكات التهريب:
قد حاول الكاتب في الفصول السابقة تسليط الضوء على عمليات إعادة التشكيل الاجتماعي الذي عرفته الجفرة. وتشمل هذه العمليات: إقامة الحدود، وتجزئة الأراضي للقبائل، والتغييرات العميقة للرعي، وظهور أنشطة التهريب، هذه العمليات السابقة سمحت بظهور جماعات جديدة ، كان لها دور فعال في تنظيم جميع القرارات الإجتماعية والإقليمية.
أما الجوانب الملازمة لهذه العمليات فإنها تؤثر على الجهات الفاعلة وبصفة خاصة، عن طريق المرور من التكوينات القبلية القديمة للنخب الحالية، كل هذا يوفر لنا مثالا عن التغيرات في الموافق والسياسات المحددة لكل مجموعة من النخب المحلية، من قبيل مواقف هذه النخب، إجراءاتها داخل الشبكات الإقليمية، هذه الأمثلة سوف تقدم لنا كيف تمكنت هذه النخب المحلية في تنظيم دينامياتها عندما تواجه كل واحدة منهما الأخرى.
وفي البداية عقد الكاتب ملاحظاته على التغيرات التي عرفتها النخب وبالضبط النخب التي تخللتها فترات من السياسات الإقتصادية والإجتماعية، وسوف نركز على القدرة والطريقة الدائمة في إختراع سلسلة من التعديلات والتحالفات والتضامن القبلي، وإثبات القدرة على التكيف مع سياقات الدولة والعولمة، وفي الواقع يبدوا أن الروابط القبلية قادرة على تجاوز الدولة والهياكل المؤسسة لها، وفي الحفاظ على مجموعاتها وأفرادها أثناء مراحل الأزمة وإنعدام الأمن.
1.1 السياقات المحددة في إعادة تشكيل النخب في كلتا البلدين: التفاوتات في توزيع مورد الدول، وتهميش الأعيان المحلية التقليدية.
كان لللإستعمار دور كبير في إضعاف بناء الدولة، وإضعاف القبائل القديمة من خلال إقصائها داخل القبائل والسلطة، وتآكلها من خلال مجموعة من التدابير التي فوضت الرأس المال الإنتاجي ( القطيع) إلى السلطة بشكل رمزي وديني وقضائي وتعليمي.( نصر 1994).
عندما تم تمرير السلطة إلى فريق الإدارة الجديدة في ليبيا سنة 1969، كانت الجفرة الجنوبية تعرف حالة من النقص النسبي في النخب القادرة على تشكيل التبعية المحلية " الثورة الجماهيرية" (Djaziri 1996). في الوقت نفسه، كانت الجفرة الغربية، شبيهة بالمدن الجنوبية التونسية، والتي كانت تخضع لوضع الحكومة الإستبدادية، ويدل على ذلك المنهجية التي اعتمدت في تعيين الأعضاء في منطقة الحكام العسكريين بين عامي 1956 و1980.( (M'zabi, 1993، فجزء ضعيف من النخب المحلية، بما في ذلك القبائل التي أعلنت ولاءها للقوى الجديدة، وكان ذلك في أوائل السبعينات، حيث كانت لا تتمتع بأي شكل من أشكال السلطة، وكانت السلطة غير قادرة على توزيع الموارد مكافئة على ولائهم لها. (Tekari, 1981).
ففي الجفرة التونسية، ساهمت قلة الموارد المتاحة للأعيان في العجز للوصول إلى تمثيل الجماعات المحلية والتفرد في التنظيم الإداري للمنطقة، وذلك راجع إلى غياب النخبة القادرة على المساهمة في إدماج المنطقة في النظام الوطني. (Boulifa, 2001)
أما في ليبيا، تم حث الناس في جميع أنحاء البلاد في المشاركة للإدارة الشؤون المحلية عن طريق المؤسسات الجماهيرية ( المؤتمر واللجان الشعبية)، مما أذا إلى تزايد عدد اللجان الثورية التي تقوم بمراقبة جميع المناطق، وهكذا تم تعيين أعضاء اللجان الثورية في معظم الطبقات المحرومة في المجتمع القبلي. وهكذا أصبحت تدرجيا من أنصار الدعاة الحقيقية للسلطة المحلية والحكومة بين النظام والسكان المحليين (Ouannès, 1994).
2.1 دور التهريب في ظهور النخب الجديدة وصعود مازيكري mazegri..
إن تطوير أنشطة التهريب خلال العقدين 1970 و1980، قد أدى إلى تكثيف الهجرة إلى أوروبا، خاصة في الجفرة الغربية، مما أدى أيضا إلى ظهور مجموعات جديدة من الفاعلين الذين استفادوا من الوضع، فغالبا ما يخاطرون بأنفسهم لممارسة التجارة الغير الرسمية ( التهريب). جعلت هذه المجموعة قادرة على تحمل التضامن القبلي، قبل احتدام ثغور النظام الجديد الذي فرضته الدولة، وهكذا، فهامش المؤسسات قد قامت وبطرق غير مشروعة في إنشاء موارد جديدة للمنطقة وسكانها، وحرمان الممثلين الجديد من مصالح المجموعات القبلية، الحالة التي أدت حسب mazegri إلى إعادة تعبئة الرأسمال الإجتماعي القبلي، والاعتماد على المرونة الحقيقية في التكيف مع السياقات الجديدة، لتظهر دينامية حقيقية في المنطقة التي يبدو أن السلطات تجاهلتها في برامج التنمية والتكامل ( M'zabi ، 1993).
Mazegri تمكنوا من بناء الجسور وراء رموز سيادة الدولة، مما مهد الطريق لإعادة هيكلة التضامن داخل القبيلة، التي كانت داخل التحالفات القديمة، فهذه الدينامية رافقتها بشكل واضح قصور الدولة في تكييف الوضع القبلي مع الواقع الإقتصادي الجديد وإعادة التدريب الوظيفي المؤسساتي.
فخلال سنوات إغلاق الحدود، Mazegri عملت على وضع شبكة من الأنشطة لمساعدة الشباب التونسيين، الذين ذهبوا إلى ليبيا بحثا عن وظيفة، والعودة بالمدخرات المدعمة في إطار ممارسات غير رسمية. فأعطت هذه الشبكات لمازيكري دورا هاما داخل الأنساب الخاصة بهم، كما سمحت لهم بتولي زمام الجوانب الإقتصادية والإجتماعية. وبالتالي فمعظمها تتألف من العشائر والأنساب الصغرى للكنفدرالية. فويرغامي وجدت نفسها مسؤولة عن تشغيل الشبكات المتعلقة بالتجارة غير الرسمية التي تحملها شبكات القوى التنظيمية، مما وجب عليها القيام يإستثمارات في المناطق التي تعرف نشاط التهريب.
فمن خلال شيوخ مازيكري القديمة، تبين أنهم أصبحوا أفرادا من نخبة الجفرة، فحيث إلتقينا بالشيخ العايدي بن خليف الجنيفن، وحكا لنا عن حياته في 23 أكتوبر 2003 في بن قردان (Ben Guerdane). ، وكذا الشيخ عمران بن عبد الجواد الحميدي، في 2 ديسمبر 2006. في الغرين .El Grine.
فالشيخ العايدي يعتبر من الأشخاص الذين يتوفرون على أكبر نفوذ في التجارة الغير الرسمية (sarrafa) وفي تمويل des douleb الدولاب ( منظمة تجارة التهريب)، حيث ذكر لنا الأحداث الرئيسية في تنمية التهريب، الذي هو في الأصل عبارة عن مجموعات أظهرت نفسها داخل القبلية (Touazine). فقصة الشيخ هاته توحي لنا بأن الهيكلة الإجتماعية والإتحاد الكنفدرالي داخل القبيلة تميز بمراحل من القمع والمقاومة، ويؤكد ذلك من خلال قوله:" تجربتنا الشخصية وطريقتنا لم تكن سهلة في (werghemma) حيث سجنت ثلاث مرات أثناء العبور غير المشروع في الحدود. بينما في السبعينات عندما جئت إلى الدعسة (daâssa) للإحضار بعض العلب من سمك التونة والبطاريات الكهربائية كانت أوقات صعبة نظرا لصعوبة المسؤولين المهتمين بهذا المجال. وبفضل إخواننا في الجفرة الشرقية ، الذين إستخدمناهم في الموقع قبل جلب العمالة حتى Friguiya ( شمال تونس)،
لكن فرص العمل في ليبيا كانت محفوفة بالمخاطر، وفضل الناس البحث عن عمل سواء كشاوش أو كمسؤول على المحافظة، وكانت لهؤلاء الناس مكانة مهمة داخل القبيلة، لكن في أوائل الثمانينات بدأت السلطة الليبية تحد من حقوق المهاجرين وطلبوا منا التعامل مع التحويلات المالية لأسرهم، فأنا كنت من الأوائل الذين اهتموا بتحويل رواتب العمال. وعندما أصبحت لدينا مجموعة من أولاد العم المسؤولة عن تحويل المهاجرين، فقد أدركنا أهمية التغير، وذلك لأن الكتاب الليبي وللأسباب سياسية كان مبالغ فيه، فكانت المبالغة في بنوك طرابلس و زوارة. فكانت لها قيمة في ليبيا، لكن عند عرضها في تونس لا تساوي شيئا،مما حتم علينا تغيير الإستثمارات في (la sarrafa) الصرافة ، ومنذ ذلك اليوم، أصبح لدينا العمام (âamem)، كما أصبح لدينا أيضا وطن (wattana)، وجاء جميع التوازينية (Touazines) ليطلبوا منا المشاركة في المنظمة ( الدولب)، والتقاليد التي تفرض علينا الإندماج في الأعضاء المتكاملة داخل العرش.
فهذه القصة للشيخ العايدي ساعدتنا على معرفة مراحل النخبة و مسارها في التهريب، وسلط الضوء على الهياكل الإجتماعية داخل القبلية، كل هذا ساعدنا على الوصول إلى هدف في بحثنا من خلال فهم عملية التحويل الدينامية التي تحرك الفعاليات والممارسات التي تعبر منها". (Signoles, 1999)
وجمعت القصة الثانية مع الشيخ صلاح، على الرغم أنه يتفق مع الشيخ العايدي في مجموعة من المواضيع التي وضعها، إلا أنه يقدم مجموعة من الإضافات، ففي الواقع عندما سألنا الشيخ صلاح عن العلاقات مع السلطات ( الذي أخفق الشيخ العايدي في الحديث عنها) أجاب : في البداية، عندما تم القبض علينا في الجمارك عاملونا مثل المجرمين، وعانينا في سجون حربوب (Harboub) ( سجن المدنيين)، وسجن بوجليجا (Boujlijja) الجوع، لكن حتى الثمانينات أدركت الدولة أنه من الأفضل السماح لنا بالعودة إلى كويكو (guigue) ، كما سمحت لنا تدريجيا بالعمل تحت مراقبة ممثليها المحليين. ولحماية أنفسنا من الجوع إخترنا التسول أو أخد الزكاة كطرقة مثلى لحماية أنفسنا، وبفضل هذه المشاركة التي تظم كل المتحاورين مع السلطة، فعند تايوت (tayoût) تجلب مخدرات خطيرة عبر الحدود بفضل دعم المنطقة، ففي هذه الحالة تم استدعاء العمام (les âamem) لمعالجة هذه المسألة.
هذا في حين نجد مازيكري القديمة التي تمكنت من الوصول إلى قلب الجفرة وبالتالي أصبحت ضرورية بالنسبة ل ويرغاميس. فأصبح من الضروري على الجهات المحلية التحكم في تدفق التهريب، ومع ذلك، فإن فتح الحدود و التوسع الكبير في التجارة الحدودية مع الإصدارات المختلفة لها ( التهريب غير الرسمي ) الذي يقوده جيل جديد من مديري الشبكة بعد أسر مازيكري (mazegri) القديمة . يتم تعيين هذا الجزء من النخبة الجديدة تحت اسم J'farra Warratha (ورثة الجفرة )، وعادة ما تتكون من ابن العمام التي تملك الإدارة المالية والعلائقية. ومع الإختلافات بين مازيكري القديمة وأبنائها، ارتأت كل مجموعة وضع أهدافها ووسائلها الخاصة بها. أما فيما يخص وراثة (Warratha) ، فلم تكن قد بدأت من مستويات أدنى، كما أنها لم تعطي لخطر السلطات أهمية، مما دفع بالبعض منهم إلى عدم الإتفاق مع العمام (âamem) لا سيما فيما يخص التقاسم داخل المجموعة القبلية.
3.1. صعود وراثة (Warratha) : نتيجة لعملية التمييز و نهاية التضامن القبلي؟
إن العمام (Les âamem)، كانت أعمالهم داخل مجال قبلي خالص، وكانت تسعى إلى ضمان الإمتثال للأنساب والأفراد لقيام الحكم داخل الشبكة. أما بالنسبة لوراثة فمعظمهم تلقى التعليم العالي في العاصمة مما دفع بالعديد من الجماعات النشيطة لم تحضر إلى الخط (le khatt)، في الوقت التي تم فيه تحويل التجارة العابرة للحدود تدخل في النشاط الإقتصادي، بمعايير السوق الرأسمالية، وبالتالي إعفاء من الرسوم نظرا للإعتبارات الإجتماعية.
ففي مقابلة مع أحد زعماء وراثة (Warratha) في بن قردان، إتضح لنا بأن التضامن بين العشائر والأفراد تجلى في الجفرة بواسطة مجموعة معقدة من منظمات التهريب (الدولاب de douleb)، والجمعيات التي تهدف إلى إعادة توزيع الموارد التي تنتج عن طريق الأنشطة العابرة للحدود وغير الرسمية، فقد حاولنا في هذا الاجتماع الذي عقد في 23 ديسمبر 2006، مع هاشمي في Nabhani لمعالجة المطالب الاجتماعية التي اكتشفناها عن طريق بعض محاورينا، فضلا عن مسألة التفاوت الاجتماعي داخل المجموعة القبلية.
فمحاورنا أعرب لنا عن موقفه الحاسم الذي أخده من مواقف قديمة وفقا للنظام الذي كان يمشي عليه، وبعقلية مشتركة مع العمام وأعضاء آخرين من القبلية، والطبقات الأدنى. فبالنسبة لهاشمي لم تكن له نظرة مختلفة عن الجيل الجديد الذي تم إنشاء الشبكة، لأنه المسئول عن إدارتها في الوقت الحالي والمستقبلي، أما المواقف والخيارات التي قام بها كل فرد من الشبكة فهي مواقف دائما تكون تحت الطاعة وتعتمد لإدراك الوضع. كما أنه إختار العمام لتقاسم المركزية وذلك بسبب أخلاقهم ذات قيمة ثقافية، وهي المسألة الضرورية لبقاء المجموعة على قيد الحياة، بل هو خيار يوفي بتقليد قديم، كما أن الهاشمي أدرك أن هذا الوضع يسمح بإنشاء شبكات جديدة أساسها الهام هو التضامن. فالعاصمة العلائقية في التجارة غير الرسمية هي التي تسعى إلى إنفاذ القوانين من السلطة، ولابد من الإنتقال من مرحلة جديدة تتطلب توسيع نطاق العاصمة العلائقية ، وإنشاء إتفاقيات حول تقاسم الأرباح داخل الدولة ووكلاءها الرئيسين، لكن يبدوا من الصعب تحكيم السيطرة على tayout التي تعمل علة مراقبة المهربين، لهذا يجب وضع قرارات صعبة وفورية مع العمام بسبب المنع الذي لايزال قائما في هذا الصدد.
هذه القصة وغيرها، التي قمنا بجمعها من وراثة تسمح لنا بالقول، بأن هذا الجيل الجديد من رجال الأعمال يرون بأن هناك مستقبل زاهر في التجارة العابرة للحدود، إذا كان بإمكان المسئولين عن الإدارة رسم إطار علائقي ووضع سجلات لتشغيل وتحديد طرق عملها من خلال قروض تؤخذ من العناصر الجديدة ، والتخلي عن المواقف التي عفا عنها الزمان في مازيكري.
فوضعوا لقاء مع النخبة الشابة لدعم جهودهم، خاصة مع أيمن بن محمد السوي الذي تخرج من جامعة صفاقس الحاصل على شهادة الماستر في القانون الضريبي، وهو مستشار الشيخ العايدي، ويعتبر واحد من الرجال الضروريين في شبكة العمام في بن قردان. ونظرا لصغر سنة وأخلاقه المتواضعة، إعتبرته شبكة العمام جدير بالثقة وخاصة أنه شاب قادر على صياغة مواقف مقنعة لمناقشة شبكة وراثة، فالنخبة الشابة غالبا ما تكون لها أراء مقنعة لحل الخلافات مع تايوت و الصرافة (tayout ou des sarrafa) بطرق مباشرة دون المرور من العمام. ففي يونيو قال لنا أيمن: " لا يخفى عن بالنا أن تقاليد التضامن القبلي التي يمكن أن تؤدي إلى التجارة الحدودية، وأن التضامن بين المجموعات هي التي أسست ظاهرة التهريب، كما أن السلطات لا يمكنها أن توفر الحماية اللازمة لتجارة غير الرسمية، فنحن في حاجة لتحليل مواقف وراثة مع مراعاة العلاقات الرئيسية في هذه الأعمال والإستراتيجيات، فما على وراثة إلا إضفاء الشرعية على شبكاتهم، وليس عن طريق الشجاعة، مثل ما قامت به تايوت، لكن بفضل الإستيلاء على فرص جديدة من خلال هذه الأعمال التي تمكن من إنشاء شبكات متمايزة ونموذجية، فهذه الإستراتيجية سوف تحق هدفين مزدوجين لوراثة: في الجانب الأول : تحسين وضعهم ضمن التسلسل الهرمي، وتوسيع نطاق عملهم وتحقيق قوة إقتصادية، ومن الناحية الثانية: أنها سوف تغدي قاعدتها الإجتماعية التي تحتل مكانة متردية عن بقية أعضاء الشبكة، كما يجب عليها تبليغ النزاع الذي يدور بين الشباب والشيوخ إلى السلطة وإلى الدوائر المعنية، فهذا الجانب مهم إلى جانب التضامن القبلي الذي تمشي عليه كل الأنشطة غير الرسمية والمتقاربة مع السلطة.
فوراثة عرضت أكثر من إختلاف مع العمام خاصة فيما يتعلق بمستقبل الأنشطة الإقتصادية في الجفرة، كما يرى البعض أن التجارة غير الرسمية ينبغي أن تندمج مع تيارات التبادلات العالمية والعابرة للحدود الوطنية، لكن هذا الإندماج سوف يتطلب قدرة كبيرة للسيطرة على إدارة السوق من العولمة الليبرالية، التي تعتمد على نماذج قديمة من مازيكري الصرفة، والتي لم تفتها الفرصة لتكريم طقوس العيد ومنح إمتيازات للأرامل، واعتبرت هذا النموذج إلزامي في المساعدات الإجتماعية والتضامن.
4.1 نخب الجفرة الليبية: سياسات التقارب، والتهريب والمحسوبية.
في الجفرة الليبية، عرف تكوين النخب من نهاية الثمانيات إلى بداية التسعينات تغيرا كبيرا، خاصة عند سقوط أسعار النفط، وفي نفس الوقت عرفت ليبيا مجموعة من المشاكل السياسة، مثل صعود الحركات الإسلامية، وتكبيد ليبيا هزيمة من طرف الأمريكيين في التشاد، كل هذا دفع ليبيا إلى تغيير مجموعة من التدابير في العلاقة بين الدولة والمجتمع.
1.4.1. الإصلاحات الاقتصادية "الخصخصة الاشتراكية" الشركات التابعة للدولة: مصدر رئيسي للافتراس النخب المحلية.
من بين التدابير التي إتخدتها الدولة للإصلاح الإقتصادي هو الشك في التوزيع الطبيعي للنظام (Bechri، 2001). والذي بدأ بخطاب القدافي في 26 مارس 1987. وفي هذا الخطاب تم تقديم الدليل الإقتصادي الجديد كمحاولة لتحرير التجارة، وتوسيع نطاق الأنشطة الإنتاجية، وذلك بفعل إنشاء أشكال جديدة من الملكية التي سوف تكون تابعة للدولة والتي هي التشاركيات tacharukiyat ( تعاونيات بين الحكومة والمنتجين و الشعب). ( المجلة الرسمية الليبية رقم 18 في 22/09/1987). وقد جاءت في الواقع لنقل ملكية الأفراد والموظفين إلى المؤسسات التابعة للدولة، وبالتالي يصبحون كعمال يتقاضون أجورهم من الشراكات وسوف يحصلون على رواتب متساوية من الدخل الصافي للشركات. ( وفقا لنظام المحاسبة الذي أنشأه المرسوم رقم 447/1987، والذي نشر في الجريدة الرسمية الليبية رقم 25 في 14/12/1987). ويظهر أن هذا الإصلاح يتسم بالمبادئ العامة للنظام الإشتراكي يظهر ذلك من خلال "الكتاب الأخضر" الذي يحمل جميع الإجراءات، والتي وصفها في مايلي: يجب جمع الثروة، ومن تم توزيعها على 356 فردا ( القدافي 1997). فرغم ذلك لم يكن الإصلاح يرقى إلى المستوى المطلوب رغم تحديد جوانبه في "الكتاب الأخضر" لكن في الواقع كان الأمر مسلطا على رفع الحضر على التجارة الخاصة، التي كانت نقطة تحول حقيقية على المستوى الإقتصادي والإجتماعي. لكن كل هذا كان بعيدا عن المعايير الليبرالية الرأسمالية، وكان يهدف إلى التخفيف من حدة الإضطرابات الإجتماعية وفتح آلاف فرص الشغل للأفراد بالإضافة إلى فتح التقاعد للأجهزة الأمنية (Ouannes, 1994).
إن تحرير التجارة الجزئية أعطت مرحلة جديدة من العلاقات بين شعوب الجفرة والدولة. ففي عام 1988، أصحاب المحلات القديمة في زوارة والشركات في النوايل و ورغامي، فتحوا التجارة في مراكز المدن وعلى طول الطرق للإستفادة من الوضع الجديد، في حين ضعف دور اللجان الثورية. (Ouannes, 1994)
2.4.1 - توطيد دعائم الاقتصاد غير الرسمي: ظهور النخب المحلية، والاستبعاد التدريجي للجان الثورية.
في هذا الإطار تم تجميد وظائف الخدمة المدنية في الإدارات العامة، وتخفيض الأجور التي توزع لسكان، مما أدى إلى ظهور فرص جديدة للعمل في القطاعات غير الرسمية، ففوضت السلطة للجن الثورية وأصبحت هي الوحيد التي تربط بين السكان والسلطة، أما المرحلة الرئيسية للجان الثورية هي نقل الملكية من الدولة إلى الشعب (الجماهيرية)، وفي الواقع، ووفقا ل أحمد البشري " فمجموعة من النخب القبلية القديمة قامت بشراء شركات النقل ستار 57، وسددت ديونها، كما عملت على حشد التضامن القبلي على نطاق واسع للإستفادة من هذه الفرصة، وإمتلاك ذراع الإنتاجية المهمة التي ساهم فيها جميع السكان". كما أن صاحب المؤلف أشار إلى: أن من الضروري الحفاظ على المصالح الجماعية التي كانت مستغلة لفترة طويلة من قبل اللجنة الثورية، والتي يتمثل دورها في فرز الموظفين والمستفيدين من الشركات والتدفقات. لكن هذه اللجن ظلت عاجزة عن تعبئة المحرومين من هذه الموارد. (Bechri، 2001)
وبفضل فتح الحدود، وإعادة شراء المؤسسات العامة، وتطوير المضاربة على المنتجات المدعمة، حققت التجارة غير الرسمية عبر الحدود توسعا مذهلا، وفي شبكات تحويل العملات التجارية إلى العملة الأجنبية، كل هذا بفضل مساهمات حلفاء ويرغامي، أما النخبة الجفرية فاعتبرت كقوة إقتصادية وسياسية رئيسية، تلعب دورا إقتصاديا مهما في المنطقة. كما ينبغي في هذا الصدد معرفة أن أنشطة التجارية غير الرسمية مستبعدة من طرف الخدمة العامة وهيئات الإدارة المحلية وخدمات الأمن، وفي الواقع، قد أدين جزء مهم من التجار في أسواق زوارة ونالوت (Zouara et de (Nalout أثناء الثورة ( ولا سيما في عام 1974، بمناسبة إدخال الجماهيرية). واعتبروا كأعداء للجماهيرية، فكانت موضوع للعديد من التدابير التي تهدف إلى تهميشهم في التحولات الإقتصادية، ووفقا لرواية أجريت في 19 يونيو 2005 مع الحاج ناصر بن خليفة سلام الغماتي القاطن بزوارة ، وعضو في حزب الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى أنه مالك تجارة كبيرة في سوق الرابعة. أنه قال: " لا يمكن التعامل مع إي من الناس، فاللجان الثورية وافقت على التعامل مع الشباب الذين يبحثون عن عمل، أو الأرامل التي تحتاج إلى حصص غذائية شهرية، فأعضاء العرش كانوا في حاجة إلى مشاهدة أعمال الشيوخ والمشاركة في الجبدة الواحدة ( فئة داخل الجمعية التجارية). هذه الشيوخ لم تكن تعرف الحل الوسيط بين الناس و تلبية طلب الفقراء. كما يأتون إلى الشيوخ لطلب الوصايا على الشعبية والإجتماعية ودعم الأعمال الإجتماعية، فالذين أغلقت محلاتهم التجارية ، وإقفال مداخل السوق، وتحويلها إلى التجارية. والتي لم تكن لدينا سوى بضع سنوات لتحقيق الربح.".
ويشاطره هذا الرأي إلى حد كبير جابر الهوني أحد تجار سكيفت الشاوش بسوق زوارة، في المنتجات المستوردة غير الرسمية، وقال: إن رواتب موظفي الخدمة المدنية لم تعد تكفيهم، وأن مناصب الموظفين الإداريين لم تعد تتلقى رواتبهم، ومن أجل البقاء على قيد الحياة يجب أن تعمل في أنشطة أخرى، فاللبيبين كما يعلم الجميع لا تعرف التعامل وليست موهوبة مثل التونسيين في الأعمال التجارية، لكنهم يتعلمون بسرعة فائقة، فالموظف يجب أن يكون حذرا من أعضاء اللجنة الثورية المتضررة " فينبغي على الموظفين تقديم الحسابات والخدمات من أجل الحفاظ على منصبه"، ومن أجل الخروج من هذه الأزمة لجأت اللجان الثورية إلى فرض مجموعة من الضرائب على السيارات وعلى المتاجر، كما حددوا أيضا ضريبة على التغطية الصحية تقدر ب يورو واحد .
2، النخبة الجفرية الجديدة وأقاليمها: نحو رعاية جديدة، وإعادة بناء علاقات مع السلطات:
إن النخب الجديدة التي وصلت إلى أعلى مستوى في التسلسل الهرمي المحلي في الجفرة، بفعل التجارة الحدودية، وتنشيط التضامنات القبلية القديمة، فمن هم الهيئات التمثيلية الجديدة؟ وما هي الآليات الممكنة لإعادة توزيع الموارد داخل المجتمع؟ وما هي العلاقة التي يمكن إنشائها للجمع بين أصحاب المصلحة والسكان؟ وإلى أي مدى يمكن لهذه النخب الجديدة الربط بين المجتمعات المحلية والحكومة الوطنية والسلطات الإقليمية؟ وهل لديهم قاعدة تسمح لهم بالتفاوض بشأن أخد منصب داخل السلطة؟.
1.2 . ظهور المازيكري في حلة جديدة: إعادة توزيع للموارد داخل الدول و المشاركة الجماعية في الأنشطة غير الرسمية.
إن تقرير النخبة وعملائها يعتبر كبناء إجتماعي، هدفها هو توزيع الموارد، فالمهم هنا هو إنشاء عضو من النخبة تكون له رؤية واضحة، ومكانة مهمة في المجتمع، لكي يكون قادرا على تمثيل جميع الأطراف. وبالتالي، يجب إشراك جميع النخب في بناء الإقليم عن طريق صيانة وإدماج روح المواطنة وإثبات الهوية الوطنية، كما يجب على أي نخبة جديدة أن تكون متوفرة على الشروط التالية: أساس إجتماعي وإقتصادي متين، وشبكة متطورة بالنفوذ في بعض الحالات، والسيطرة على الأراضي لتعزيز مكانتها.
في الجفرة، فقد أدى تنامي المحسوبية في إضعاف الإمكانيات التوزيعية لدى الدولتين، مما حتم عليهم تنظيم التجارة غير الرسمية وفقا للإنتماءات القبلية، وينبغي التذكير في هذا الصدد أن القضايا الأولى للنخب ظهرت مع المسئولين الحكوميين، سواء النشيطة في المجال السياسي ( خاصة في تونس) أو في هيئات الأمن ( اللجان الثورية في ليبيا).
وبفضل هذا التكوين النموذجي، واستنادا إلى إعادة توزيع موارد الدولة في شكل وظائف في الإدارات، أو عن طريق إعطاء مساعدات مباشرة للفقراء مقابل الولاء السياسي. (Boutaleb, 2002 et Al Kikhya, 1994)
فهذه النخب التي ميزت العقود الأولى من الإستقلال ما بين 1960 و 1990 كانت تنحصر في السياسات الوطنية، وبعبارة أخرى أنها كانت ذات إتجاه واحد في الأهداف والإستراتيجيات التي يتوقف عليها المركز الذي ينتمون إليه. فالممارسات الزابونية كانت مماثلة في كلتا البلدين مع إختلاف دقيق في ليبيا خاصة في أجهزة النخب الثورية ( اللجان الثوريين و الوصايا العسكرية). التي كانت مسؤولة عن تعيين الوظائف في الحكومة المحلية، والإدماج في اللجان الشعبية. فكانت تشدد على الولاء السياسي للعشيرة بالنسبة للمرشح ليصل إلى مناصب السلطة. فكانت توزع المساكن على نطاق واسع في مواقع متميزة، وتوزيع مساعدات عينية من أجل كسب الولاء. ومن خلال المشاركة الفعالة في اجتماعات المؤتمر الشعبي، والتأييد الذي أعرب عنه للأشخاص الذين تم تعينهم من طرف اللجان الثورية يعتبر نموذجا من المحسوبية.حسب أحمد البشري. فإنها تعتبر مظهرا من مظاهر " الفساد المنهجي"، لهذا عمدت الهيئات التمثيلية المحلية الجماهيرية إلى إدخال النظام العمودي من أجل رفع أشكال الإحتجاجات. وخصام السياسات الوطنية. (Bechri، 2001)
كما يمكن إكتساب الولاء عن طريق النفوذ في أعضاء اللجان الثورية، لكن هذه الأعضاء أو اللجان في بعض الأحيان تختلف فيما بينها حول الفرد المرشح، وذلك بسبب التضارب في المصالح الإقتصادية. فهذا يمكن أن يؤثر على السياسة المحلية ، لكن في الواقع، أن عضو اللجنة الشعبية يتعين بفعل السيادة، وبالتالي يصبح عضو مجلس الشعب يعرقل المؤسسة بكاملها، وفي هذه المرحلة تتدخل كبار الجيش والسلطات المحلية لتسوية الوضع بحل وسطي بين الصالح المتباينة، كما تحاول وضع ترتيبات لتقسيم الموارد بين أعضاء النخبة الأمنية.
وفي مقابلة مع الشيخ عبد الهادي البسطي العاجيلي في 27 يونيو 2005، فهو واحد من قادة الإخوان السلامية، أنه قال لنا :" إن اللجان الثورية، بالقيد أن المصطلح جد صعب خصوصا عند محاولة ترجمة: حكم الأرزق و التعامل مع موارد الحياة، رغم أن الشعب قاد نفسه إلى تحقيق متطلباته رغم وجود سياسات إنتهازية. كما طالبو بالطوابع ( المواضيع) للوقوف ضد متطلبات المجتمعات المحلية، ودعم الناس الغير الجديرين بالثقة، وتغطية الممارسات الخاطئة ، وأيضا من أجل تسهيل جميع أنواع النهب. أما الذين رفضت مخططاتهم فإنهم يقدمان ممتلكاتهم ومواردهم، مما أدى إلى فروقات إجتماعية كبيرة، أما الذين وافقوا على التبعية فقد تم إرسل أولادهم إلى الخارج من أجل الدراسة، أما الدين كانوا في يدي الرحمان فقد تزوجوا الأرامل من أجل تسجيلهم في لوائح الإسكان الشعبي، والثمن يقدم إلى اللجان الثورية".
وهناك أشكال أخرى من المحسوبية الثورية قدمها الخليفة العصابي الذي فقال: لقد حاولت في مناسبات عديدة أن أكون جزءا من اللجنة الشعبية لدفاع عن بلدي، دون أن أختار من طرف اللجان الثورية، لكن دون الحصول على منصب المسؤولية. فعندما وجهت الأنظار على ظلم في إجتماع لنواب الشعب في مارس 1982، و ذكرت في جدول الأعمال مجموعة من الإنتهازيين الذين يستغلون الإعانات والمساعدات، فمنذ ذلك الحين وأنا في القائمة السوداء، كما إنقلبت حياتي رأسا على عقيب، فاضطر والدي إلى تزويجي وبناء منزل شبه بالحوش، كما تم تعيين زوجتي في عيادة للبحث والتطوير، وكان على وسع الانتظار 12 سنة لتحول العيادة إلى أعمالي.
ففي تونس، فالموارد هي أقل من التي تنتشر في ليبيا. فممارسات المسؤولين المحليين كانت تعمل على توزيع الوظائف في الإدارات، ومكافحة البطالة، كما عملت نخبة من بيروقراطية الدولة على توزيع برامج للمساعدة المحلية، لا سيما في ما يتعلق بالتنمية الريفية خاصة البنيات التحتية، هذه الأعمال كانت جزء من متطلبات السكان المحليين.
إن تنمية الأنشطة الغير الرسمية عبر الحدود، عملت على تغيير تكوين النخب وأشكال المحسوبية ، فكانت لذا النخب ميزات مماثلة على كلتا الجانبين في الحدود. لذا يجب التأكيد على الميزة محددة للجفرة التونسية، مع إدماج النخبة الإجتماعية والإقليمية القوية. فالواقع أن النخب الجديدة في وقت التهريب، ومند نشوء المازيكري، بنيت شبكة من التحالفات الإقتصادية مع أغلب أعضاءها في كلتا الجانبين من الحدود. وحددت عضوا يمارس مهمة السياسة في النظام الوطني، وله القدرة على تعبئة مجموعة من الناس، من أجل الحصول نتائج تساهم في تعزيز مكانتها وقدراتها ( سواء بشكل حقيقي أو ممثل). لكن دون أن يكون متبرع، وليس من أعوان السلطة. فالمازيكري السابق أصبح تاجر الجملة، وعضو في النخبة، ليس من خلال صفاته المكتسبة فقط، بل من خلال مهاراته التي جعلته قادرا على اكتساب موارد إقتصادية غير رسمية، والإستفادة من المجتمع برمته. هذه المشاركة هي مبدأ أساسي من مبادئ الأخلاق البدوي. والتي تمارسها النخب الجديدة من أجل نيل الشرعية العليا في المجتمع. ومع ذلك ليس هناك تقاسم في النتائج ولا في فرص المشاركة، كما جاء في قصة الشيخ العايدي بن خليف جنيفن وهو عضو في التوازين ومشارك في قطاعات الصرافة ( التبادل الغير الرسمي)، وممول الدولب. وقد كتبت هذه القصة في 23 أكتوبر 2003 في بني قردان " الله قسم لنا الأرزاق، ونحن نسمح لكل واحد أن يأجذ نصيبه الذي وفره له القانون الإلهي. " هذا هو سر جماعة الإخوان المسلمين الذين توحدنا معهم، وبدأنا من الصفر، فلا أحد ينام ليلا بدون عشاء، فهذا هو ديننا. كما أننا لسنا قمرا يضيء الجميع، لكن نعمل بجهد، وهذا هو مبدأ الدولب. فالكل يجلب الجبدة ( سمة حيوانية، وهي جزء من العمل، رغم أن هذا المصطلح متعدد المعاني). فالكولكدير و كدرو ( كل حسب قدرته). في إنشاء جمعيات في العاصمة الرئيسية، لكن لا يجب أن تكون مالية. كما أن الحقيقة لا يمكن أن تعبر عن الوجه الحقيقي للثقة، كالثقة التي بين الصراف وتايوت والشواف ( في الجفرة الشرقية)، وفي مناطق أخرى من البلاد، فالشباب العاطلين عن العمل والفقراء، يتظاهرون لساعات طويلة أمام مكاتب المسؤولين المحليين.
ومن أجل ضمان دورها ، وتلبية حاجيات عملائها، تقوم أعضاء النخبة الجفرية بتعبئة القاعدة الإجتماعية والإقتصادية، عاصمتها العلائقية تكون خارج القبلية و كما تكون عن طريق الأقدمية، كما يجب أن تكون قادرة على الدفاع عن مصالح الناس، وتدبير مصالح بيئته، وتكوين الجمعيات الإقتصادية، كما يجب عليها التحكم في تعبئة الموارد المالية والسياسية....
2.2. النخبة الجديدة في الجفرة: كوسيط محلي لسلطة ؟
عرفت الجفرة مند بداية سنة 2000 تحولا في إقتصادها الذي يرتكز على التهريب عبر الحدود، فهذا الإقتصاد المنطوي على الحدود هو جد معقد ، كما أن هذا التحول يحتاج إلى أعمدة جديدة من نخبة الجفرة من داخل السلطة، ويشمل ذلك التفاوض على " المناطق التسامح" غير الرسمية. وفي الواقع، فإن عمل النخبة تأخد أبعادا جديدة، ومقاييس واسعة، بفعل استخدام أصحاب النفوذ، وإستغلال المجالات التي تنظر إلى مراكز الدولتين. فهؤلاء الأشخاص لهم صلاة مثبتة في كلتا عاصمتي البلدين، التي تقوم بتدعيم وإنشاء وسطا بين الأجهزة البيروقراطية والنخب الجفرية المحلية وشبكاتها،ومن هذه اللحظة بدأت كل من النخبة الجفرية سواء في تونس و ليبيا توطيد علاقاتها مع السلطات.
فعلى سبيل التوضيح، هناك حالتين من النخب الجعفرية التي لعبت دورا أساسي كوسيط بين السلطات والدفاع عن مصالح الشعب، فالقضية الأولى: تمثلت في دفع الدية للمتضررين من حركة التمرد في سجون بوسليم. والثانية هي مكافحة الإتجار و تهريب المخدرات.
فالبنسبة للقضية الأولى: يجب تذكر مساء يوم 5 يوليوز 1996، اليوم الذي إندلعت فيه حركة التمرد في سجن بوسليم وهو سجن بالقرب من مدينة طرابلس العاصمة، والتي تم قمعه بشدة، فوصل عدد الضحايا حسب المنظمة الإنسانية إلى 1250 مصاب تحت رصاص الحرس الرئاسي، فبعض الأسر من الجفرة ( زوارة وزنتان )، وبعد ذلك طلبوا من الدولة الليبية أن تدفع الدية لأطفالهم كما هو مخصص في الأعراف. لكن رغم ذلك تبقى عبارة عن مبالغ رمزية لا تغطي فضيحة الجريمة. فما يهم هو أنه تم إستقبال وفد من زوارة من قبل مسئولي خدمة السجون في طرابلس، وكذلك أعضاء من النخبة المحلية، ونشطاء في السوق غير الرسمية. فرغبة منها من إحتواء القضية، وتجنب قادة الجمعيات الدينية و الحركات الأصولية من الإستفادة من التوتر القائم ، وافقت السلطات في طرابلس على دفع الدية طبقا لناس القادرين على إثارة الموضوع. فقدموا الأسر والقبائل دعمهم لنخب القادرة على الدفاع على متطلباتهم ( أرزاقهم) التي تعيش عليها في الجفرة.
أما القضية الثانية، التي وقعت بين سنتي 1999 و 2001، في هذه الفترة، رفعت السلطات الليبية والتونسية في إدخال المخدرات من المغرب، والتي عبرت الجفرة نحو السوق الليبية. أما في تونس فقد أدخلت جميع البضائع من حدود الجزائر، لتصدر بعد ذلك إلى ليبيا برا. نظرا لأن السوق التونسي كان غير مثير للإهتمام قليلا: نظرا لطلبها الضعيف فيما يخص المخدرات، لأنها طاردت تجار هذه المواد واعتقلت مجموعة منهم ووضعتهم في السجون التونسية. أما في ليبيا، فإن المخدرات تباع بشكل كبير في الأسواق المحلية، وعليه الطلب بشكل كبير، إلى أن القدرة الإستعابية لشبكات الجفرية أصبحت غير قادرة على التحكم في قنوات العبور في الحدود، مما دفعها إلى طلب الإعانة من النخبة المحلية من أجل قمع المتاجرين في هذا الميدان ( تهريب المخدرات). وحسب الصحافة المحلية في سنة 2006 فقد وقعت إختلافات وإعتقالات، كما أفادت أيضا أنه تم تجفيف جميع تدفقات المخدرات التي كانت تدخل عبر الجفرة، لكن التجار لم يتوقفوا عن هذا الحد بل خلقوا معابر جديدة للمخدرات والتهريب خاصة تهريب ( السجائر، وتبغ الشيشة) عبر شبكات الجفرة. فوفقا لمشاركينا في الإقليم، تبين لنا أننا من الضروري ربط الصلة مع السلطات والجفرة من أجل الحد من هؤلاء التجار. وفي النهاية تم إنشاء شبكة بأكملها من نوع آمن، لكن ذلك قد كلفهم الكثير من الأموال.
فاستنادا على قاعدة إقليمية وإجتماعية مسطرة، بالإضافة إلى إعتبار النخبة وسيطا بين المركز وبين ما سوف يتم تأسيسه من أجل الدفاع عن مصالح المجتمع، مع إشراك جميع أطراف السوق غير الرسمية. في حين إستعداد النخبة الجديدة في بناء إتفاقية جديدة بين المركز والمحيط الخارجي عنه، فالنتيجة كانت غير ممكنة، خصوصا ونحن نعتقد أن إعادة التوازن من طرف النخبة الجفرية مع تطلعات الساكنة المحلية الراغبة في توسيع أنشطتها غير الرسمية خارج الحدود المسطرة للسلطة، ومن ناحية أخرى، تضارب المصالح وتعقد الإدارة المركزية المحلية، أدى بالنخبة إلى تطوير ترتيباتها، من أجل توضيح وتسهيل تقارب المجالات التي تعرف إهتمام من لدن جميع السكان والسلطات.
3. شبكات كارتل (cartel) الحدودية، التسلسلات الهرمية، والمطالبات.
هنا سوف نتطرق إلى الجهات الرئيسة والفاعلة، والتي تنشط في التجارة غير الرسمية، والتي تلعب دورا رئيسيا في عمليات تشكيل الكيان الترابي، كما سنحاول التطرق إلى نظام العلاقة التي كانت تميز مجموعة من الجهات الفاعلة، على الرغم من أن هذه المجموعات كانت مدفوعة بالعديد من الإستراتجيات، وهذه الإستراتيجيات تمس بشكل كبير الجوانب الإقتصادية والترابية. فلهذا الجانب الأخير أهمية قصوى، نظرا لأن تقارير الجهات الفاعلة في التراب جد متطورة خاصة في ممارستها، وفي حضورها الرمزي والإستراتيجي.
كما أن تحليلنا للجهات الفاعلة، وتحليل ممارساتها، تأخدنا إلى الإنطلاق من البيانات التي تم جمعها إنطلاقا من الأشخاص الذين تم مقابلتهم في الجفرة خلال صيف 2003 وشتاء 2007: ومن خلال هذه اللقاءات سوف نقوم بتصنيف المجموعات النشيطة في مايلي:
الصرافة التوازين ( العمام): مصرفين النظام.
النوايل و زوارة: مدرين السوق الغير الرسمية.
النصابة: تجار السوق.
الخواطة: التجار المتجولين.
الطايوت: شركات مستقلة.
1.3. الصرافة التوازنية ( العمام): مصرفوا النظام:
هناك مجموعة من النشطاء في التجارة غير الرسمية في الجفرة على شكل نظام هرمي، والذي احتل من طرف عدد محدود من تجار الجملة في نبي قردان، فلا يتعدى عددهم إثني عشر شخصا. والصرافة ( تسمى عند ويرغامي بالعمام) وهي على وجه الخصوص التوازنية والتي تأتي من مختلف العروش. وفي الواقع، فإن تجار الجملة هم المالكين الحقيقيين للسلطة في الجفرة، والتي تجمع الشبكات المالية الموازية، وتبادل الأنشطة الرئيسية. ففي السنوات الأخيرة، أصبحت هذه المصارف توجه لتأمين التجارة غير الرسمية والتهريب، كما بالدولب ( منظمات التجارة غير الرسمية). كما تم تعزيز قوتها، حينما فرضت الأمم المتحدة الحضر على ليبيا، كل هذا دفع ببعض الليبيين إلى الذهاب نحو تصدير العملة الصعبة إلى الخارج، خوفا من تشديد العقوبات الدولية، أو من فتح سوق إقتصادية جديدة. فتجار الجملة في نبي قردان كانت قادرة على جمع كل أصحاب المصلحة النظامية في طرفي الجفرة، وبفضل السيولة النقدية التي كانت بحوزتهم، وقدرتهم على إستيعاب المنتجات الفائضة التي تقدم لليبيين. وإنشائها كوسائط أساسية للأنشطة. وفتح حسابا للعملة الأجنبية لصالح الشعب الليبي. فهذه الدالة لم يتم تغييرها ورفع الحضر عليها، بل العكس من ذلك، فقد تم تعزيزها.
ففي الواقع، فإن الإنفتاح النسبي الذي عرفته ليبيا قبل رفع الحضر عليها، فقد بدد التوترات والمخاوف التي كانت ترعب السكان، كما أنها كانت تخشى عودة الأزمة السياسية وتؤثر على المجتمع بشكل كاريتي. لذلك فالليبيين واصلوا تعزيزهم و تعاونهم مع شبكة من الجفريين، من أجل تحويل أموالهم إلى الخارج بطرق غير مشروعة، وعادة ما يكون مقدموا الطلبات من ضباط العسكر وكبار السياسيين ورجال الأعمال بالإضافة إلى الموظفين الذين يشغلون مناصب عالية في ليبيا. فهذه الطائفة من التشكيلات تعمل على جلب مجموعة من الأشخاص الذين لهم القدرة على حماية تجارة الجملة التوازنية التي تدخل في المصلحة. وبالأخص في دور الوساطة التي تقدمها صرافة التوازنية مند نهاية 1990. بأهمية لا يمكن الجدال فيها.
أما الصرافة فكانت في الأصل هي مازيكري، قبل أن تواصل أنشطتها في الستينات، والإستفادة من نقص فترة الإشتراكية في تزويد السوق التونسية عن طريق الاستيراد غير القانوني من ليبيا. واحتلت أسفل السلم الإجتماعي لسلالاتهم، لكن عند حدوث الطفرة النفطية في ليبيا تحسنت أوضاع المنتجات المعروضة في السوق، واكتسبت أسعار معقولة، وكانت السبب في طهور التهريب بين تونس وليبيا. وفي بني قردان معقل التوازنية، ظهرت كمركز لتهريب المنتجات التي لها قيمة أو المنتجات التي يصعب الوصول إليها في تونس، أما العمام فكانت في تلك الفترة مطاردة من طرف الحرس الوطني والجمارك، لكن عندما تم فتح الجدود في سنة 1988، كانت مفاجئة تاريخية بالنسبة للعمام، فكانت بداية للإحداث تغير عميق في وظائفها، وأدوارها ، فبساطة المازيكري والعمام أصبحت الصرافة من تجار الجملة.
و للحفاظ على قاعدتها في التجارة غير الرسمية، وجهت العمام في التسعينات قضية رئيسية في المنطقة، مفادها السيطرة على تدفق البضائع، وتقييم منافع التجارة التي تعرف العجز سواء في الميزان التجاري والمالي، بينما خلال هذه السنوات، فسكان الجفرة قد إقتنعوا بالإنتماء إلى منطقة منكوبة، مما أدى بها التراجع، والشعور بأن التنمية لن تتحقق إلا في ظل الإتجاه نحو التنمية السياحية، وإقامة إستثمارات سياحية بالمناطق الساحلية.
وفي هذا السياق، تم الإستياء من الدولة التي طورت نشاط التهريب في العمام، ووضعت الحرس عليه، أما القبيلة فقد تأكدت بأن المنطقة صالحة للتهريب، وضمان حد أدنى من التماسك بين الجهات النشيطة، رغم أن هياكل هذه المنطقة إكتسبتها من فترة الرحال التي لم تعد الآن مواتية للوضع الجديد الذي تقام عليه. فكان من الضروري إعادة النظر في العلاقة بين أعضاء المجموعة ، وتحديد الأدوار للأشخاص الذين يملكون القوى الحقيقية، فالمازيكري أصبحت صرافة، وهذا بفضل دورها الجديد، والقوة الإقتصادية التي تملكها، كما أنها كانت قادرة على تجنب أصحاب الإمتيازات من الرؤساء القدامى، كما أن المواعيد شهدت تغيرات في تكوينها، ومع تدخل العمام في دوائر صنع القرار على هذا النحو أدى بالميعاد إلى السيطرة على التراب، فالقضايا التي تمت مناقشتها لم تكن الأنشطة الرعوية فقط، بل طرحت أيضا مسألة التهريب عن طريق الأراضي القبلية.
والنتيجة الأخيرة لوصل العمام إلى الميعاد، وإنشاء أشكال جديدة من التضامن القبلي الذي يتأسس على الملكية المشتركة، وإنشاء الأمن الجماعي القائم على تفاعل المصالح الفردية، فالعمام التوازنية من بني قردان تسعى إلى الجمع بين الإحتياجات الفردية الجديدة، والعلاقات الإجتماعية القائمة على نظرية المساواة البدوية، ومن خلال التأليف بين هذه المصالح التكميلية والمتناقضة أحيانا، تسعى العمام إلى البحث عن حلول متوازنة بين مجموعة من العناصر النشيطة داخل المنظمة. رغم أن العمام أدركت تزايد المطالب داخل القبيلة، وخصوصا عند الفئة الفقيرة داخل المنظمة، كالنصابة وتايوت في الوقت الحالي، فالتحدي الأخير، يتزايد أكثر فأكثر، في ترتيب المنشآت، كما ترى نفسها كمجموعة هشة في الوظيفة التجارية غير الرسمية، فالنصابة والتايوت تنظر رغم المخاطر التي تتكبدها، ورغم الجني الضئيل التي تحققه بالمقارنة مع تستخلصه الصرافة.
تعرف العمام أدوارا كثيرة ومتنوعة، إلا إننا سوف نحاول توضيح معالم نشاطها الرئيسي في تمويل الدولب. فهي لا توفر فقط رأس المال، وإنما تعمل أيضا على توفير الحماية خلال ممرات العبور الحدودية، والحفاظ على نظامها، من الخلال المشاركة في الدولب، وأحيانا أخرى يقدم الصراف مساهمات عينة إلى الشركاء، فقد تكون رمزية على سبيل المثال: تقديم فكرته لتجار في ليبيا لتسهيل شراء المنتجات التي سوف ترد بعد تسويقها في تونس. كما تعمل ما في وسعها لتمرير البضائع من الجمارك في أي وقت من الأوقات، كما تعمل على تتبع مسارات قوافل التهريب في أراضي بعض القبائل و العشائر وتتقاسم العمليات الإيجابية والسلبية بين المشاركين.كما أن نشاط صرف العملة غير الرسمية هي أيضا جزء من أنشطة العمام. وينقسم هذا النشاط إلى جزئيين. فالأول: تعمل على جمع العملة من جميع المهاجرين والمشتغلين في السياحة، والثانية: هي وضع هذه العملات تحت تصرف الليبيين، لتمويل رحلاتهم، أو لفتح حسابات في الخارج، رغم هذا النشاط غير قانوني في تونس. ويشمل في الحقيقة جانبين: فالأول مرئي، والثاني غامض، فالأول المرئي يمكن ملاحظته على طول الطريق الرابطة بين المارث ورأس جدير، حيث تضو حوالي خمسين تاجر صغير ( عاملين في العمام)، تقوم بتقديم التذاكر للمسافرين ، كما أن هؤلاء التجار الشباب يرتبطون فيما بينهم بهواتف نقالة، ويعرفون عروض أسعار العملات المفتوحة، وهذا هو السبب في جعلهم يتحكمون في الأوضاع العامة للفضاء. كل هذه العوامل تعتبر أدلة واضحة لقوة الصرافة في إمتلاك السيطرة على الأراضي، وعدم الإمتثال للقوانين، أما الجانب الثاني الغير مرئي: فيتعلق بتمويل أنشطة الليبيين في الخارج، وإمتلاك المنازل في أوروبا، والتجارة في السلع الفاخرة، وتكوين رؤوس أموال للمغتربين.
أما العمام فتعتبر من أفضل جهات الإتصال لذا السلطات المحلية، وهذا بفعل التحيز نحو التحكم في قضايا الصرافة، وقدرتها على التحكم بشكل كبير في دينامية السلع المهربة. فدور العمام ضمن الخط هو أكثر إثارة للجدل، لأنها تضعهم في بعض الحالات في مواقف الجمارك أو الحرص الوطني، التي تمارس القمع على الأنشطة التي من الضرورة أن تدافع عنها العمام، لكن رغم ذلك فهذا الموقف يعزز دور العمام في كل من اللعبة الترابية بين السلطات. وإنطلاقا من المعلومات التي تم جمعها من تايوت، يتضح أن العمام تحاول بسط سيطرتها على تراب ويرغامي، وبفضل الدوران على خط الحدود مع قطاع اللحية ( الحصون)، والتي من خلالها يمكن إدارة ومراقبة تدفقات السلع الحدودية، وكذلك تجنيد نطاق واسع من الشوافة ( مراصد أو مراقبون).
وهكذا يبدوا أن العمام تعمل على تمويل الدولب (منظمة)، والتوسط لسلطات، وضمان العملة التجارية عبر الحدود، بالإضافة إلى أعمال أخرى تتجلي في تركيز المعلومات المتعلقة بحركات الحدود.
2.3. تجار الجملة في النوايل والزوارة: مزودي السوق غير الرسمية:
مند فتح الحدود، وتجار الحفرة الليبية تلعب دور المهيمن في تخزين وجمع، وتدفق المنتجات المدعمة التي يتم عرضها في محلات الدولة، فعلى الطريق الرابطة بين رأس الجدير في طرابلس، تم إنشاء العديد من المستودعات، لتكون بمثابة أماكن لتخزين المنتجات التي يتم جمعها المونشاط ( مخازن الدولة). كما أن تجار جملة النوايل والزوارة تسعى إلى إنشاء شبكة من المشترين الدين تكون لهم القدرة في إفراغ كل ما يمكن أن تتضمنه مخازن الدولة، والوصول إلى التعامل مع الموظفين الذين يعملون في توزيع مخازن الدولة. ( المونشاط)
فإذا كانت شبكات التجارة غير الرسمية التي تنشط في الجفرة التونسية، تخضع لمنظمة التجارة غير الرسمية ( الدولب)، وهو عبارة عن جمعية أو منظمة تسمح بالمشاركة داخل أفرد القبيلة، وتجارة الجملة في الزوارة والنوايل التي إختارت نظام المرابحة، فهذه التجارة هي السائدة عند شركات التي تنتمي إلى أعضاء النفوذ وأرباب الأسر من القبيلة التي تحقق أرباح مهمة في كل معاملة من معاملاتها، فهذا النموذج من التجارة تهدف إلى مشاركة أغلبية أعضاء القبيلة في جمع وتخزين منتجات التهريب، بالإضافة إلى السيطرة على جمع مسارات النقل بالمنطقة الحدودية.
فإلى جانب الأنشطة التجارية الخاصة بهم، فتجار الجملة في النوايل والزوارة تلعب دورا مهم في نقل رؤوس الأموال إلى الخارج، وذلك بفضل مشاركتها مع العمام في نبي قردان.
3.3. النصابة: التجار المستقلين في السوق:
تشكل فئة النصابة أكبر فئة داخل الشبكة الجفرية، وهي تتألف من التجار المستقلين، فدورها داخل الشبكة يتجلى في معرفة تفاصيل السلع الموجودة في السوق، والمستوردة من العمام والمقدمة إلى سوق نبي قردان والمدينة، والأسواق الأسبوعية في جنوب ووسط تونس، فرغم عددهم الكبير إلا أن أوضاعهم تتدهور تدريجيا. ففي الواقع، التجارة غير الرسمية تتطلب الكثير من الوسائل والتحالفات السياسية والتي لا يمكن أن تتقدم بفعل قلة الموارد المالية. وكنتيجة لذلك، إضطرت النصابة إلى التواصل مع عاصمة العلاقات الحفرية، لمساعدتهم في بعض الأعمال من قبيل: حماية العملات في الحدود، وتوقيف البيروقراطيين، وتمويل بعض عمليات التجارة المستقلة. فالنصابة كثير منهم أصبح بشكل تدريجي يعمل ضمن الدولب ( منظمة) ، وهي جمعية أو منظمة، تقوم بتوزيع البضائع بالجملة.
ووفقا للمعلومات التي بحوزتنا، فهؤلاء التجار يواجهون مجموعة من المشاكل والصعوبات، والتي تهدد نشاطهم مند سنة 2000. فمن قبيل هذه الصعوبات نجد: تعسف الجمارك الليبية عليهم، ومصادرة بضائعهم في البوابة، وتصرفها بطرقة إنتقائية، وعدم مهاجمتها للأشخاص المحميين، وأصحاب الناقلات التابعة لشبكة تجار الجملة للنوايل وزوارة. لكن التجار المستقلين لا يمكنهم حماية أنشطتهم في مواقع مرتفعة، نظرا لإمكانياتهم المتواضعة، وبالتالي تصبح هي الضحية الأولى في المصادرة، لكن إذا كان أحد من النصابة لا يريد الإمتثال لمقتضيات العمام، ويريد إستقلال ذاتي، فإنه يمنع من نقل البضائع من ليبيا، ويعتبر هذا شكل من أشكال المصادرة لنصابة، التي تعتبر نفسها من المتضررين والمحرومين من حق أجدادهم في التنقل داخل أراضي القبيلة.
4.3. الخواطة أو التجار المتجولين: 'بروليتارية' الشبكة:
التجار المتجولون أو الخواطة، هي مجموعة كبيرة، تعمل في التجارة غير الرسمية بأماكن غير محددة، وهي عادة المزارعين الذين يملكون قطع أرضية صغيرة، أو قطيع هو الآخر صغير، ويمكن للمرء أن يجد أيضا الطلاب والموظفين، وهذه خاصية خاصة بهم، كما تضم أيضا الباحثين عن السلع في الجفرة الليبية والعودة بها في نفس اليوم، فهؤلاء تمول أعمالهم من طرف تجار الجملة، وفي هذه الحالة ، تستخدم في بيع المنتجات. ( شريك في العائدات). ومن خلالها تأخد أرباحها ( الخمس العام في المنتجات الأكبر إستهلاكا).
فعندما يتم تمويل شركة من طرف مجموعة من الشركاء، في هذه الحالة يتم استخدام التجار المتجولين كموظفين، ويطلق عليهم اسم مكاري ( موظف الذي يكلف بمهمة معينة). ومن هذه المكاري نجد عدد كبيرا من الشباب، وهم الطلاب القدامى، التي كانت تستخدمهم العمام في القطاعات ذات قيمة مضافة، (التجارة بواسطة المقاولات الإلكترونية والهواتف النقالة)، فأصبح هؤلاء الطلاب القدامى ينسحبون من تقارير الشغل التي وضعتها العمام، والتي تصل من طرف المسؤولين المحليين لكلتا البلدين. كما أصبحت تدريجيا تحتكر التجارة غير الرسمية والتهريب، بفضل خبراتهم وثقافتهم. كما أن شباب المكاري قادرة على فهم الطريقة المثلى لتهريب والتجارة غير الرسمية، إلا أنهم يتعرضون لقمع الحرس الوطني والجمارك. فالخواطة بشكل عام والطلبة القدامى أصبحت مع المكاري وذلك لتغلب على العمام، والسيطرة على جزء كبير من نشاطهم وضمه إلى شؤونها الخاصة، لكن في الواقع هذه الضغوط تمارس على جميع من يريد الحصول على عمله الشخصي.
فعندما إلتقينا مع الخواطة في أحد الحملات من أجل معرفة بعض الأخبار التي جاءت من بعض عملائها، لكن العمام رفضت تلك الإتهامات، فرغم ذلك لم يترددوا في توجيه الإتهام للخواطة على أنهم يعملون مع بعض الدوائر الأمنية في ليبيا، فمثلا بعض الأسر لا سيما في التوازنية و وادرناص طالبت بحقها في العمل الذاتي رغم أن ذلك يعتبر إنتهاكا لنظام الجفرة.
5.3. التايوت أو العمال المستقلين : مجموعة تسعى إلى الاستقلال والإنصاف.
تتكون هذه المجموعة من 1000 شخص، وأعضائها تشمل ما يقارب 50 ألف عضو، أغلبها من تايوت، أو من صفوف الخواطة الذين تمكنوا من إنشاء شركات خاصة بهم، تعمل في تجارة الجملة، أما تايوت فدورها كان يتجلى في القدرة على التكامل مع النصابة لأنها لم تعد قادرة على شراء البضائع مباشرة من تجار الجملة من النوايل والزوارة.
كما كان عليها مواجهة بوابة الحدود، وتقديم الرشوة، أو إختراق مناطق لم تكن تحت سيطرة العمام، لجلب البضائع، لكن الآن تايوت أصبحت مثلا أعلى للمازيكري، وذلك راجع للمكانة التي تحتلها داخل الشبكة، كما أنها تنشط في إطار بعيد عن تدخل العمام، من أجل ضمان أمنها، وعدم القبض عليها أثناء القيام بعملها. كما أنها تقدم من أجل ذلك مجموعة من المبالغ أثناء عبور بعض الأراضي، حيث تقدم أكثر مما تم تخصيصها للعمام، وبفضل هذا السخاء، أصبحت تايوت تتمتع بدورا مهم عند الإقطاعيين الذين يقدرون شجاعة تايوت في مواجهة الجمارك وعملاء البوابة الحدودية، إلى حد أن هذه المآثر والشجاعة أصبحوا يرونها في الحلقة، وفي الأغاني الإحتفالية. ومن أجل الحد من إنتشار ظاهرة التهريب و الهجرة السرية، وتنظيم المنظمات السرية، لجأت السلطات إلى وضع ترسانة قانونية أكثر صرامة للحد منها، وكذلك من أجل الحد من المشاركة في التجارة الغير الرسمية التي ثؤثر على إقتصاد العمام، خاصة في تلك المناطق القريبة من دوائر السلطة.
فالبضائع التي تمر عبر الحدود لتواتة من قبيل الوقود والسلع الغذائية، بما في ذلك ( المقرونة، والسكر، والأرز)، و مضخات الري، والأقمشة، فهي كلها صناعات تقليدية موجهة للإستثمار. ففي جميع الحالات، فإن بداية سنة 2000 كانت تايوت قادرة على تنويع أنشطتها، من خلال توفير مجموعة من الخدمات من قبيل: نقل الحجاج، فهذا النشاط الأخير يثير الكثير من عملاء تايوت، ومن أجل ذلك رفعت قوافلها، وتحالفت مع مجموعة من الشركاء في ليبيا، والمتحالفة مع ورغامي. و الإستفادتها من بعض المنافسات بين نخبة النوايل و الزوارة، من جهة، وبين التسلسل الهرمي العسكري، من جهة ثانية. فتمكنت من تأسيس جمعيات مع ضباط نالوت الذين يرغبون في التجارة غير الرسمية، من خلال قنوات التهريب النشيطة في مسارات جنوب الجفرة والقريبة من القواعد العسكرية. وبفضل هذا التحالف تمكنت تايوت من السيطرة على جزء كبير من المعاملات التي كانت تحت سيطرة العمام.
4 . العلاقة بين القطاع الرسمي والقطاع غير الرسمي: فما هي حدوده المشروعية وغير المشروعية؟
شهدت تونس مند السبعينات زيادة هائلة في القطاع غير الرسمي، وقد تطور بفعل، تراجع تكاليف العمل، والتحايل على قوانين العمل ( الأجرة، والعقود، والضمان الإجتماعي)، والقيود المالية. (Benarous, 1998). ويعتبر العمل في هذا القطاع أمر مهم للبقاء على قيد الحياة للعديد من الفئات الضعيفة وغير المؤهلة. في ظل غياب الخيارات في العمل. (Mokni, 2000). كما أن هذا القطاع يخفض من البطالة، ويوفر السلع والخدمات لمجموعة من الفئات ذوي الدخل الضعيف، والعاطلين عن العمل، وهذا ما يفسر أن العمل غير الرسمي في تونس مؤهلا بشكل كبير حيث يوظف حوالي 42.2 في المئة من مجموع العمال سنة 1990. (Benarous, 1998)
مند فتح الحدود في التسعينات مع ليبيا، والأنشطة غير الرسمية تحتل المرتبة الأولى، خاصة التجارة الموسعة في الجفرة التي تعرف دينامية واضحة. (Taïeb Kerchid, 2004)، ففي الواقع، فإن المنطقة ليست سوى ممر للعبور البضائع التي تنقل بين الجانبين. والتي لا تخضع للقوانين الرسمية. فالجفرة عانت نفس المعانات التي تخبطت فيها المناطق الجنوبية لتونس، والتي تتسم بضعف الإستثمارات، ونقص الهياكل الإدارية، والمفتقرة للبنيات التحتية، وزادت الأوضاع تدهورا عندما تم إغلاق الحدود لفترة طويلة، كل هذا جعل السكان يبحثوت عن أعمال جديدة خارج الأطر الرسمية.
فكان التهريب أول هذه الأعمال، على الرغم من إعتباره من طرف السلطة، نشاطا يشكل خطرا على إقتصاد وسلامة البلاد. لذلك تم قمعه بشدة، فرغم ذلك لم يتوقف هذا النشاط لأنه كان موضعا لتوضيح الفرق بين النظم الإقتصادية للبلدين، لهذا فقد استمرت الأزمة في العمل والإستثمارت في الجفرة ( بما في ذلك تونس). (M'zabi, 1993). فبعد فتح الحدود وتوطيد العلاقة مع النخبة التوازنية، كما إتضح من خلال مجموعة من الشبكات التجارية غير الرسمية، مع تقوية نظم دعم بعض المنتجات في ليبيا، وبروز منطقة تمتد من مارث إلى سورمان، حيث يمكن تبادل السلع منها دون تقيد من الجمارك، مما أدى إلى تدهور جزء من الإقتصاد الرسمي، خاصة القطاعات الأولى التي كانت المنافس الأول للأنشطة غير الرسمية من التجارة والخدمات.
فمثلا سوف نقدم ، كيف كانت تباع السلع التونسية في الأسواق الليبية بأقل الأسعار، أي أقل من الأسعار المحددة قانونيا. فمثلا: الجبن الذي كان يشترى بزوارة ب 1.500 دينار للكيلوغرام الواحد. يصبح في بني قردان ب 2.850 دينار للكيلوغرام الواحد، وهو نفس الجبن التي تنتجه المقاولات ( الشركات) التونسية بشمال البلاد. وتباع في الأسواق الممتازة ( سوبر مارشي) بثمن 8.500 دينار للكيلوغرام الواحد. كما نجد أيضا زيت الزيتون، التي تخرج من البلاد ب 3.850 دينار، وتنزل في طرابلس ب 1.700 دينار، لتعود إلى مدنين ب 2.500 دينار. وهكذا، فإن العديد من السلع التونسية بعد تصديرها إلى ليبيا تعود إليها ( لأنها السلع المصدرة غالبا ما تكون مدعمة في ليبيا) الشيء الذي يؤدي إلى تراجع قيمتها، ومع ذلك هذا ليس سوى الجزء المرئي من النظام، فتباين الأسعار في الحقيقة ليس راجع إلى دعم المنتجات في ليبيا، وإنما يرجع أيضا إلى التجارة الغير الرسمية، و إلى الفروقات الكبيرة بين قيمتها الحقيقية داخل الكتاب الليبي، وبين قيمتها المعروضة لذا البنك المركزي للبلاد. وعلى العموم فقطاع التبادل الغير الرسمي تقوم به مجموعة الصرافة التوازنية. فمن خلال إلقاء النظر على سعر زيت الزيتون: ففي ليبيا ثمنها المشاع يساوي 1.700 دينار، والمعلن عنه في الحقيقة هو 3.050 دينار ، والذي يعادل في سعر الصرف الرسمي 3.150 دينار، إذن فالمدعم من الزيت هو 0.700 دينار للتر الواحد. لكن عمليات الشراء لا تمر عبر مركز الصرف الرسمي في ليبيا، وإنما تمر عبر البنك المعروف ببنك الشجرة، حيث تتم علمية البيع بالطرقة التالية: يتم شراء زيت الزيتون ب 3.850 دينار عند مسئولي سوق الدولة ( المنشعات)، في حين يباع اللتر الواحد عند تجار جملة الجفرة في نفس اليوم ب 3.050 دينار الذي لا يعادل 3.850 دينار السعر الرسمي. فالتحقيق الذي أجريناه حول 1.95 دينار في سوق بني قردان، فبعد بيع اللتر الواحد من زيت الزيتون في مدنين، وجدنا أن هامش الربح يقدر ب 0.925 دينار، أي ما يقارب 37 في المئة من سعر البيع. وينطبق نفس النظام علة مجموعة من المنتجات الأخرى المستوردة من بقية دول العالم. وخاصة تلك المطلوبة بكثرة في تونس من قبيل ( الشاي، الأرز، العجلات، السكر، ودقيق الدرة، والأدوية)، والتي نجدها أرخص بثلاث مرات في كل من ليبيا وتونس. (Taïeb Kerchid, 2004). فالمنتوج الوحيد الذي يسيطر في تجارة التهريب والذي يؤثر على السوق الرسمية في الجفرة هو الوقود، وفي هذا الصدد، فممثل الغرف النقابية لمحطات الخدمات الجنوبية، فرحات كتب مقالا في جريدة الزمن في 21 يونيو 1999 والمعنون ب " تجارة الموازنة كسرت الكوخ" والتي تحدث فيه عن " المعانات الطويلة التي عرفتها محطات تعبئة الوقود، التي أصبحت مهجورة من قبل سائقي السيارات التي تفضل شراء الوقود من الموزعين الصغار التي توزع النوع الرديء من الوقود. وحسب هذا الممثل فإن هذه الفئة من الموزعين، تؤثر على النظم التجارية، كما أن هذا القطاع يتأثر بتجارة الموازنة كذلك، والتي تؤثر عليه بشكل كبير وتحد من تطوره خاصة في المناطق الجنوبية. وبنفس الطرقة يتعرض لها الوقود. وما إذا تم الوضع على ما هو عليه سوف يؤدي إلى تهديد سلامة الناس، كما أن إستمرار القطاع الوقودي بنفس الطرقة عند العملاء، والحكومة، والشركات الخاصة، سنلاحظ في هذا الصدد أن ثمن اللتر الواحد من البنزين الممتاز الخالي من الرصاص يباع في ليبيا ب 0.20 يورو و 0.70 يورو في تونس، بينما على جنبات طرق الجفرة نجدة ب 0.700 دينار أي ما يعادل 0.38 يورو.
وهناك أيضا قطاع آخر من الإقتصاد الرسمي تضرر من التجارة غير الرسمية، من قبيل الصيدلة، حيث كان أطباء المدينين وبني قردان يصفون الأدوية المتاحة في الصيدليات الرسمية، والتي تخضع لدعم الموازنة، على نلك التي تباع في الأسواق الليبية والآتية من قطاع التوزيع الصيدلاني الليبي.
أما الفئة التي اختارت التجارة بالتقسيط، مند السنوات الأولى من فتح الحدود، فقد أدخلتها إلى السوق الرسمية، وأصبحت مهمة، إلا أن العديد من أصحاب المقاولات رفضت هذا النوع من الأنشطة، كما رفضت أيضا دخول السلع الأجنبية التي أصبحت تغزوا الأسواق. وتباع بأثمنة أقل من الأثمنة المحددة بشكل رسمي. مما أودى بها إلى الكسب الضئيل، وهذا ما أدى ببعض المقاولات إلى عدم اعتمادها على القنوات الرسمية، وأصبحت تدريجيا تعتمد هي الأخرى على المنتجات الغير الرسمية. وحتى على المنتجات الغير القانونية في مصدرها في ليبيا. (Mokni, 2000)
وهكذا في الجفرة على الخصوص، كما على نطاق واسع من تونس، تطور شكل جديد والذي يتمثل في " إقتصاد البارات" ، والذي تطور بشكل كبير في السنوات الأخيرة. (Benarous, 1998). فمهنيوا هذه التجارة بدون شك، هم من القطاع الرسمي. التي لم تعد تتردد في ممارسة الاحتيال، والممارسات غير القانونية. فأصبحت تدفع الضرائب بشكل ضعيف، وهضم حقوق العمال، وعدم الإعلان عن كمية البضائع التي تم اٌقتنائها من قبل من أجل التملص الضريبي. (Mokni, 2000). كما أنها تتعامل مع السلطات ( خاصة الجمارك). وذلك من أجل الاستفادة من فوائد الاستيراد، وتفادي المشاكل الإدارية، إنهم يعرفون كيف يتعاملون مع الدولة وسياساتها، وهكذا تعمل سواء في العمل القانوني وغير القانوني عندما يتواطئون مع الدولة. لتجاوز حضر الاستيراد أثناء ممارسة حضر جميع أثمنة السلع، وجمع عدد من السلع التي يتم جلبها من ضواحي تونس. (Hibou, 1999).
في خطاب رسمي الذي عقد من طرف الهيئات النقابية، وأرباب العمال الرسمين، والتي نددت ب" إلغاء الجذام التي تفسد طرق الأعمال الإقتصادية ، والقدرة الإنتاجية المحلية للرصاص، والتي هي أيضا واحدة من أسباب تراجع الإستثمارات، واندلاع حرب الوظائف، فعلى حد تعبير الأمين العام لإتحاد العمال التونسيين أحمد جراد " هذا الموقف هو مشترك مع جميع أرباب العمال" فأعلن المسؤول الأول في الوثيقة التي أعدت بعد مشاورات وطنية، لتحسين ظروف تمويل المقاولات الصغير عن " الأسواق غير الرسمية التي تعتبر أماكن جديدة للأعمال التجارية التي لا تقدم القيمة المضافة للبلاد. فاستثمرت جميع قنوات التوزيع، وحولت كل أرباب العمال إلى خارج نطاق استراتيجيات التنمية الوطنية، مما دفع السلطات إلى رفع الوضع إلى الحكومة من أجل معالجة الوضعية في أقرب وقت ممكن. ومن خلال هذه التصريحات المقلقة من السلطات، لجأت الحكومة إلى تنشيط الميدان ب: ( من خلال إنشاء وحدات لقمع التجارة غير الرسمية، والجمارك، ومديرية مركزية للصحة)، فتبين من خلال مدير الرعاية الإجتماعية في " مركز النقابة العمالية" أن الحكومة جعلتهم صماء، حيث جمعت المنتجات غير القانونية أمام وزارتها" لكننا نعتقد أن هذه الخطوات التي قامت بها الحكومة من أجل إلغاء التجارة غير الرسمية هي خطوات مبالغ فيها، لأن القطاع غير الرسمي هو جزء من إقتصاد الدولة غير الهامشي. كما أنه ليس قطاع ناتج عن فساد الموظفين، ولا عدم رغبة الإداريين في مكافحة هذا النوع من النشاط الذي يسمح بتطوير سوق الموازنة التي تسود فيه الفوضى والفساد. بل هو ناتج عن السياسة العامة المتداولة في الدولة، وقوى الجهات الفاعلة في الدولة التي تعمل في هذا النوع من النشاط. كما أشار P. Signoles " هل تعرف الجهات الفاعلة كيف يمكن جعل هؤلاء التجار غير الرسميين يمتثلون للقوانين، وخلق نوعا من التسامح معهم، من أجل الأغراض السياسية والإقتصادية، إلا هذه القواعد المعتمة تبقى ضئيلة نضرا لوجود الرشوة بشكل كبير، ومن أجل الحد من هذه الممارسات يجب عليها توسيع عملياتها السياسة و نظم تشغيلها. (Signoles ، 1999).
وهكذا ظهر نموذج جديد داخل المجتمع التونسي، والذي يقوم على معالجة التجارات الغامضة وغير الشرعية، وجعلها مشروعة، وذلك لأن القطاع غير المهيكل لا يمكن تحمله لأنه يخلق مجموعة من التوترات الإجتماعية، ومن أجل ذلك لجأت السلطات إلى نشر مجموعة من المراكز الجمركية على طول خط مارت، ومنح الحرية في الجفرة لبيع منتوجاتها بشكل رسمي، وإضفاء الطابع المؤسساتي على السوق الليبية، كما تم التسامح مع السلطات التي تتعامل مع قضية تهريب المواد الغذائية والسلع المدعمة، لا سيما في الجفرة، فعلى الرغم من تحذيرات اللجنة الشعبية العامة ( البرلمان)، التي أملت رغبة السلطات في الحد من مواجهة شريحة متعددة من السكان التي تعمل بطرق غير رسمية كالتهريب والغش والفساد، فلجأت السلطات إلى طرق مرنة للحد منه، والإستجابة لطلبات المهنيين ورجال الأعمال الذين يعملون في هذه التجارة غير الرسمية، كما يجب عليها توفير الشغل للفقراء والتطلع لمتطلباتهم لعدم ولوجهم العمل في القطاعات غير القانونية.
5. توزيع الأدوار الداخلية بين السلالات والجماعات: عدم المساواة في الحصول إلى الموارد الحدودية:
في هذا الفصل سوف نناقش التوزيعات الحالية لمختلف قبائل الجفرة، وأدوارهم داخل الشبكة ، من خلال المعلومات التي تم جمعها في المقابلات والدراسات الإستقصائية التي أجريت مع سلسلة من القرى التي تمتد على طول الطريق الرابط بين مارت وزوارة، والمعلومات التي تم الحصول عليها من أصحاب زوركان، ومع ذلك فإن بعض البيانات لم يتم الحصول عليها والتي تتعلق بالجهات الفاعلة التي تسمح لإستخدام الحدود إلا في ظروف صعبة، لكن رغم ذلك لا يمكن التحقق منها حتى ولو كنا قريبين من الواقع.
1.5_ التوازنية مركز مهيمن في الشبكة وفي أراضي الإتحاد:
التوازنية هي منطقة توجد في الجزء الشمالي للجفرة، وفي الغرب تمتد على طول واد زوس إلى حدود الشراب في بداية سلسلة السبخة حيث تمر الحدود بين البلدين، وفي الشمال تمتلك أراضي شبه جزيرة سيدي مخلوف.
كما أنها أرض تاريخية، تقع شرق واد فاسي، وتحيط بها منطقة بني قردان، حيث تتم إستعمال الأراضي البعيدة عن المستنقعات، والمناطق العميقة في الجنوب للإتصال مع حلفائها، أما منطقة واديرنا التي هي عبارة الحافة الجنوبية يتم إستغلالها بشكل جماعي، كما أنها واحدة من جبهات التنمية والأكثر دينامية للجفرة.
فشكل منطقة التوازنية ونوعية وظائفها القديمة تعطي قراءة واضحة، لفهم الهيمنة التي تشغلها داخل ويرغامي، في الواقع، تنتشر أراضي التوازنية من الشمال إلى الجنوب على طول الحدود بين تونس وليبيا، على مسافة 80 كيلومتر، وواقعة بين الصحراء الداخلية والساحل من جهة، وبين جبل دمور الممتد من جبل نفوسة في الجنوب والبحر الأبيض المتوسط في الشمال الذي يعطيها دور فعال في التجارة.
ففي الماضي كانت التوازين تمارس نشاط الرعي المقيد في أراضيها، لكن إرتباطها مع جيرانها في الجنوب الذين كانوا عبارة عن رحل متجاورين مع تراب أودريناس، فشاركوهم في الفلاحة الموسمية، وفي قوافل السفر من قابس إلى طرابلس، فكانت هذه القوافل تمر فوق الأراضي العادية، والقبائل الحربية، كما أن التوازين كانت تقوم بحماية قرى بني بركة والدويرات، التي تعتبر أكبر مراكز للهجرة السرية من الجفرة إلى أوروبا، ومصادرتها للعملات الرئيسة.
فعشائر المشاركة في التوازنية مند طهور التهريب في السبعينات، لا زالت تتقاسم الأنشطة التي تسمى " الرفيعة" والمتعلقة بتمويل التجارة غير الرسمية ( تبادل العملات غير الرسمية)، وتدبيرها من طرق بني قردان التي هي بني بوزيد و أولاد خليفة، فداخل هذه العشيرتين نجد النخب التي تمثل كل من الإتحاد الكنفدرالي والسلطات الإقليمية والوطنية في الهيئات المنتخبة ( مجلس النواب، مجلس التنمية الإقليمية). ونجد أيضا أصحاب المناصب العليا في الإدارة المركزية. فأولاد خليفة تتشكل من كبار تجار الجملة، والتي تغدي الأسواق على الصعيد الوطني، تتشكل من مجموعة من الموثقين ( خصوصا محامي الأعمال التجارية). والتي تدير منظمة الدولب بكاملها، أما كرينيا فلديها عدد قليل من الأعضاء التي هي جزء من أولاد بوزيد والمتخصصة في المواثيق والتعليم.
الأسر ذات Touazines de Ben Guerdane أيضا فقد سيطرت على مجموعة عالية من منافذ التجارة غير الرسمية: خدمات الهاتف النقال، الإلكترونية، (العقاقير غير محددة الاستغناء عن طريق الصيدليات في تونس نظراً لارتفاع تكاليفها، مثل تلك المستخدمة في علاج الأمراض لمدة طويلة)، السيارات الفاخرة مع استهلاك عالي جداً (الضريبة بشكل كبير عند استيرادها قانونا) والذهب.
أما العائلات المؤثرة في التوازنية والمسيطرة على مجموعة من منافذ التجارة غير الرسمية الرفيعة: الهواتف النقالة، والإليكترونيات، السيارات الفاخرة، والذهب.
أما العشائر التي تحتل هوامش تراب التوازنية، خاصة أولاد أحمد في الملاحة ، فإنها تقوم بإعادة توزيع السلع المقدمة إليها من طرف تجار الجملة في بني قردان على بقية الأقاليم الوطنية، أما نبهانس التي تعتبر جزء من أولاد بوزيد، فإنها تتحكم في الحدود، أما الرحل القدامى فقد إنتقلوا مع قطعانهم على طول سبخة الشراب وكيفت، فانطلاقا من الحصون أصبحت تحمي التدفقات التي تدخل من الحدود، في هذه المجموعة يتم تجنيد الخواطة ( المهربون) والشوافة ( المراقبون) نظرا لأهمية المعلومات التي تجمعها أثناء تحركاتهم على الحدود. فنبهانس في الوقت الحاضر هي عشيرة ذات أهمية إستراتيجية.
2.5_ الواديرناس : المحاربين أصبحوا متاجرين ومهربين:
العالم هو مسار الرحل وبدرته ( البندقية) الذي لم يخطئ هدفه ( على الجبهات) هنا وهناك.
القبيلة الجنوبية في الجفرة هي واديرناس والتي تتكون من أولاد عبد الحميد و أولاد حليم، فهم معظمهم من الرحل والمتحاربين.
فأولاد حميد التي تحتل أراضي واقعة مع حلفائها في شمال التوازنية، والتي تشارك الحياة مع خليفات الجفرة، وأراضيها، التي لا يزال جزء كبير تحت سيطرة الجفرة من البئر الأحمر إلى الحدود، ويشمل مجال سيدي الطوي، وسهول الكورة، وزوركانيس، بالإضافة إلى الحميدية، والأراضي المحتلة من محيط بني محيرة، ومنخفضات واد فاسي. فأحد الأيام المحاربين إقتحموا السهول إلى سفوح جبل لبيودح. وواصلوا رحلتهم إلى أبعد من الظهاهر، فاليوم، أحفادهم القدامى سيطروا على محورين، المحور الأول: من الشرق إلى الغرب، ويربط بين الحدود وسفوح لبيودح، أما المحور الثاني: من الجنوب إلى الشمال، ويربط بين الهضاب الرملية لمنخفضات الظهاهرة والمستنقعات القريبة من محيط بني قردان. كما أن زوركان إحتكروا الأراضي المحيطة بقرية بني بوخزور وغيرها من القرى التي كانت ملتزمة معها بإتفاقيات الصحبة.
أولاد دباب، القبيلة الحربية التي توجد بين قبيلة الشنيني و قبيلة السدرة. فكان عدد منهم عبارة عن رحل نظرا لتحركاتهم المستمرة، مع قطعانهم في جميع أنحاء المنطقة من الشرق إلى شمال جبل لبيودح وحتى خاوي السميدة، فأولاد دباب عبرت جبل البيودح لتصل إلى أولاد شهيدة أبناء أعمامهم وحلفائهم المقربون. وفي الوقت الحاضر تحتل أولاد دباب قلب أراضي واديرناس على شكل هالة ، تحيط بتطاون على شكل لفيف من القرى.
ومن هنا يمكن أن نلاحظ أن أولاد دباب وأولاد شهيدة، بما في ذلك زوركاني التي كانت في الماضي نوات المحاربين، تشكل الآن الوحدات الرئيسية للمتاجرين والمهربين، الذين يعملون على طول الجنوب الحدودي، حيث نجد واديرناس الذين يعملون في الأنشطة التجارية الأكثر خطورة. و أولاد دباب وأولاد شهيدة والزوركاني يقومون بتمرير المنتجات عبر الحدود ( من ليبيا إلى تونس)، حيث يتم تمرير الوقود، والمواد الغذائية، وعلب سمك التونة، ومضخات المياه والأنسجة.
كما أن تجارتهم غير الرسمية لا تتوقف على هذه المنتجات المرئية فقط، بل نجد أيضا بعض المنتجات المقدمة من ليبيا، والتي تخضع للرفض الشديد من طرف الجمارك التونسية، من قبيل قطاع غيار السيارات المصنوع في اليابان وذات الصنع الرخيص، بالإضافة إلى الجرارات الفلاحية.
كما نجد أيضا بعض الخدمات الغير ملموسة من قبيل تهريب الأشخاص الدين لا يرغبون في البقاء في وطنهم، حيث تقوم شبكة معروفة الدهيبت، فهذا النشاط هو موضوع إنتقاد داخل شبكة ويرغامي، وذلك لأنه يروه عبارة عن هجوم وإنتهاك لالتزام الإتحاد من أجل ضمان الحدود مقابل التنازل عن " الإنحرف الإقتصادي".
3.5_ الخزور: التجار المستقرين.
وهم جيران التوازنية اللذين تقاسموا معهم الحياة مند سنة 1980، وهي قبيلة تخصصت في المحلات التجارية وشبابيك التجزئة وصيانة سوق بني قردان، أما شبانهم فإنها تعمل في تهريب الوقود والتبادل غير الرسمي على حساب العمام وفي شبابيك بني قردان.
4.5_ المهابيل: النزاهة والسمعة التقليدية:
في الأصل هي قبيلة من المرابطين في شمال الجفرة، فالمهابيل فهي المسؤولة عن خزان المدب ( معلمي المدارس القرءانية)، فبعض علماءها كانوا مكلفين بخدمات كتابة عقود الزواج، كما أنهم يمارسون الطب، فأراضيهم توجد في شبه الجريرة التي أغلقت في غرب خليج بني غرارة بجانب سيدي مخلوف، وتقتصر على حولي 12 كيلومتر في الطريق البرية لمارث المدينة ، وهي الطريق الوحيدة التي تؤدي إلى الجرف والتجربة. فهذا الموقع يسمح لهم بإحتلال مكانة مهمة من التجارة بالتقسيط نظرا لوجود مجموعة من القرى التي تتوفر على الأسواق، هذه القرى شيدت قبل 1990، يتميز رجالها بالصدق، الذي سمح لهم بالتعاون مع مصادر خارجية في صرف العملة غير الرسمية، هكذا هم شباب المهابيل،الذين يعملون على خدمة المسافرين المارين عن طريق بني قردان خاصة في تقديم التداكير.
5.5_التمارة: مراحل ويرغامي في تونس:
التمارة هي قبيلة أخذت إسمها بالأساس من حارس قصر المتامر( أم تمار) التي كانت تمارس فيها الحرث أثاء فترات الجفاف المطري، بالإضافة إلى أن التمارة تستخدم أبناء عمومة خزور في نقل المواد الغذائية إلى الأسواق الأسبوعية في تونس. فالثقة التي تميز التمارة مع ورغامي تسمح لها بمرور منتجاتها من شبابيك الفواكه المجففة والتبغ إلى تونس.
6.5_ الربايص: فلاحوا الإتحاد:
هي القبيلة الشمالية للجفرة، بالإضافة إلى أنها القبيلة الأقل مشاركة في الشبكة، حيث تقوم على صيانة البساتين والحرث في الأراضي الشمالية للجفرة، كل هذا جعلها تلعب دورا مهما في التنمية ولا سيما في سياق الجمعية غير الرسمية لإنشاء الصفقات التجارة ( الدولب) مع التوازنية بخصوص الأراضي الجديدة، فمند الإصلاح الزراعي الذي قامت به ليبيا، لتمست قبيلة الربايص بواسطة قبيلة النوايل و الزوارة رعاية البساتين الواطية وبير لغنم وغبرها بالإضافة إلى إستفادتها من عقود الإيجار.
7.5_ مدنين: أسياد القصور والتحويلات في عمل الحكومة المحلية.
قبيلة مدنين كانت في الماضي هي المسؤولة عن حراسة القصور، في حين نجد التوازنية تقوم بتخزين محاصيل، فمثلا، مدنين التي كانت تدعي النسب مع المرابط سيدي على بن عابد كانت مركزا رئيسيا للتجارة غير الرسمية، وإحتلالها جميع المحلات التجارية المتخصصة في تسويف منتجات عالية الجودة التي كانت تقدم لها من طرف التوازنية، كما أن مدنين هي مقر الحكام حيث نجد بها مسئولي الإدارة والمسئولين المحليين ( من نقابات عمالية، منضمات أرباب العمل والتعاونيات الزراعية).
8.5_ الهوايس: الرحل القدامى.
هم من قبيلة بني خداش، هذه القبيلة كانت تشتهر بالرحل التي تستقر على طول سفوح جبل البيودح، كما أن جزء كبير من الخواطة هم من هذه القبيلة، التي معظمها من الرعاة الإبل في دهاهر التونسية وفي الساحات الليبية، فالرحل القدامى التي تقود قطعان الإبل بشكل كبير هما أيضا من قبيلة خداش، وهي القبيلة الواحدة القادرة على الوصول إلى جميع الدورات التدريبية للجفرة دون مضايقة أو دفع رسوم دورة الإيجار.( العشابة).
9.5_ الجليدات: مزودو الشبكات بالعملات الأجنبية.
قبيلة تطاوين قي قبيلة تشتهر بتدينها وإخلاصها للمرابط سيدي بوجليدة، مند أن شيدت في مقر المحافظة، فتطاوين هي القبيلة التي تقدم المسئولين للإدارة المحلية، وتقوم بتحويل العملة للمهاجرين من عشائر الجليدات بني بلال ذات الشبكة المتكاملة في توزيع الصرف غير القانوني في صرافة بني قردان.
10.5_ العكارة: ذات الهجرة المرتفعة.
العكارة هي قبيلة تحتل معظم شبه الجزيرة المغلقة لخليج غرارة الشرقية، والتي تربط الجفرة بجزيرة دجربة. والتي عملت مند قرن من الزمن على تطوير غراسة الزيتون بطريقة عالية حول مدينة زارزيس التي تعتبر مركزا سياحيا وسوق ديناميكي، ففي الواقع، السوق الأسبوعي لزارزيس على الخصوص تزود من طرف شبكة ورغامي بمجموعة من الأشخاص الراغبين في شراء منتجات عالية الجودة ( الثريات، وأجهزة الحواسب المحمولة، والهواتف النقالة).
كما أن مدينة زارزيس تستعد للإنضمام في الأورو وإعتباره العملة الأولى في التبادلات غير الرسمية في الجفرة، كما تعتبر أيضا أكبر مركز مالي الذي يقوم بتحويل العملة للمهاجرين، علاوة على ذلك، وجود الأطباء بشكل كبير نسبيا، تعمل أغلبها في تونس، خاصة في العيادات الخاصة. حيث تتيح لهم الفرصة في رعاية الليبيين المقيمين في تونس. أما في بني قردان فالأطباء هم من يوفرون العناية للمرضى الليبيين.
11.5_ النوايل: محتكرو شبكة الشرق.
تحتل قبيلة النوايل معظم شمال الجفرة الليبية، أدت التطورات السياسية المسجلة في ليبيا مند سنة 1980 إلى تنفيذ سياسة الجيش والأمن لحصارهم، لكن في نهاية المطاف قامت بتنظيم شبكة من التجارة غير الرسمية في التهريب برا وبحرا.
النوايل تشكل في الحقيقة موقعا جغرافيا من خلال جيرانها التوازنية المسؤولة عن جميع المنتجات المدعمة، كما أنها تنخرط لفائدة الليبيين في الإستثمارات الخارجية، كما أنها تسيطر سياسيا على غالبية الشعبية في الجفرة من خلال تواجدها في معظم المدن والبلدات في المنطقة، كما أن تواطئهم من أجهزة الأمن تسمح لهم بالتمتع بجميع التدفقات التي تعبر أراضيهم.
فخلال إقامة الكاتب في الجفرة الليبية الساحلية سنة 2007، وجد مجموعة من الموانئ غير القانونية بالبحر الأبيض المتوسط خاصة في أنحاء بوكماش والبريكة. التي تقم بها هجرة الأشخاص إلى إيطاليا.
12.5_ الصيعان Les Siàanes، المهربون وسيور الصحراء:
حلفاء ويرداني على وجه الخصوص الزوركانية التي تشترك معهم في المصادر التاريخية المتأصلة في معارك ضد قوات الإحتلال الإستعماري. كما أنها تحتل أراضي في الحدود الليبية مع تونس، من الشراب في الشمال إلى حدود بوكباح في الجنوب، إلا أنها في مواجهة دائمة مع الزوركاني.
إن الصيعاني هي نشيطة بشكل كبير في قطاع العيار ( محركات السيارات)، سواء القديمة أو الجديدة على جميع أصعدة الأقاليم الليبية. كما تقوم بتحويل الوقود إلى شعبيات جبل نفوسة ومرزوق، ونقل الأفراد عبر جنوب الجفرة إلى ساحلها حيث تكون مدعمة من طرف شركات النوايل
مدينة الزواتي هي المركز الرئيسي التي تشتهر بالمخازن الكبيرة للمعدات والسيارات والجرارات والمضخات، وخزانات الوقود التي تشترى من طرف تايوت واديرناس مند رفع الحصار التخفيف النسبي من الضوابط التي يديرها الجيش الليبي على حدودها الجنوبية ( التشاد والنيجر)، كما أن الصيعاني وأبناء عمومتها ويريامي تنظم قوافل نحو تاسيلي والعزو عن طريق مضايق تنازفت (Tanazeft) وتدرارت، فعند وصولهم يتبادلون المنتجات الغذائية مقابل التبغ الذي يأتي من زوارة والمحمل في سفن لوجه إلى أوروبا. فمند بداية سنة 2000 أصبحت ناقلات الصيعاني الآتية من نيجيريا محملة بالأشخاص المهجرين، قصد تهريبهم إلى أوروبا.
13.5_ ويرغامي: قبيلة محفوفة بالمخاطر.
إن المحاربين القدامى كان تخشى جميع قبائل فزان ونفزوارة، فوريامي كانت تعيش في الحدود الجنوبية للجفرة، وتعتبر في الوقت الحاضر القبيلة المحرومة في الإقليم، لأنها لا تتوفر على ميزات حقيقية لمدينة أو بلدة، مثل مقر الشعبية الرئيسي، المحتمل أن تصل إلى توزيع الموارد داخل الدولة، عكس ويريامي التي تعمل على نقل البضائع إلى الجفرة وحماية قطعان الإبل التي تجول المنطقة الليبية في ساحة التجارة لواد روزام، وتناروت وفي جنوب جبل نفوسة.
مند نهاية 1990، ويرغامي، بدأت تعمل على وضع إستثمارت جديدة لها مكانه مهمة، كنقل الحجاج، ففي الحقيقة، مند ذلك الحين وضعت السعودية مجموعة من الإنخفاضات لدول المغرب العربي ( حاج لكل 10.000 نسمة). لذا لجأت تونس إلى إختيار الحجاج عن طريق القرعة، لأنها كانت تعرف عدد مرتفعا من الحجاج، ووضعت ايضا مجموعة من المعايير التي يجب إتخادها كالصحة والسن، كما هذا النوع من الإختيار لم يتفق عليه كل الحجاج خاصة الشباب منهم، ويعتبر في منظورهم قمع ديني قامت به السلطات اتجاههم، كما أن بعض الحجاج يفضلون في المسارات الرئيسية التي كانت تحت سيطرة ويرغامي، لأنها كانت تعي المسارات بشكل جيد كما كانت تتوفر على أسطول كبير لنقل المهاجرين الراغبين في السفر من زوارة إلى الزغبوب، عن طريق واحات توجد في الحدود مع مصر، حيث تأخد العناية من طرف شبكات أخرى لتوصلها إلى ميناء السفاجة على البحر الأحمر، حيث تقوم قوات الحرس الحدودي المحلي بتوفير السفينة لنفلهم إلى الحجاز.
13.5_ الزوارة: فئة تساهم في إمتدادت الشبكة .
هي فئة توجد حول وداخل الزوارة ، والتي تعتبر الفئة الرئيسية لتزويد الشبكات بالمورد التجارية غير الرسمية، وهذا ما جعل هذه المدينة تتوفر على أكبر سوق في الجفرة الليبية، حيث نجد الصناعات الكيماوية والشركات التابعة للدولة حاضرة في المدينة ونواحيها، كما نجد أن الشبكات تقوم بتغذية تجار الجملة للنوايل والزوارة، كما أن المدينة تتوفر على حوالي 20 مخزن تابع للدولة، هذه المخازن تملأ بسرعة كما أنها تفرغ لإعادة ملئها بالسلع مرة أخرى بالمواد الرئيسية، فمعظم هذه المحلات هي متخصصة في الإتجار بالسلع الرخيصة من قبيل الأجهزة المنزلية، والعجلات، وغيرها.
فالأسواق غير الرسمية التي تنتشر في المدينة وعلى ملتقيات الطرق، تستقبل الوافدين من تونس، وأجزاء من ليبيا، حيث تعتبر هذه السواق خاصة سكيفت الشواف والرباعة من الأسواق التي تجتزن المنتجات المستوردة من مالطة وإيطاليا والتي لا تتوفر عليها الأسواق الرسمية.
خاتمة:
في الجزء الثاني من الأطروحة قام الكاتب بتحليل آثار فتح الحدود على وضع الجفرة، والتوسع في التجارة الغير الرسمية، وكذا الهجرة والتغيرات التي شاهدتها المناطق الحضرية والريفية، بالإضافة إلى إبراز دور الأسواق غير الرسمية في إقتصاد البلدين على المستوى الوطني وكذا المحلي. وهكذا إتضح أن الإقتصاد الموازي "إقتصاد التهريب"، هو إقتصاد مفتوح لا يهم مجال عن الآخر، كما أنه ليس إقتصاد منفصل عن الإقتصاد الرسمي، حيث نجد هناك تكامل بين الإقتصادين الرسمي و غير الرسمي بين البلدين ، ويتم رسم هذه التبادلات والعلاقات وذلك بالحفاظ على الإقتصاد غير الرسمي، فهو ليس بالضرورة ناتج عن فساد المسؤولين، أو التسهيلات التي تضعها الدولة في قمع الأسواق الفوضوية،
وإنما هي سياسات وضعتها الدولتين من أجل توسيع هذا الإقتصاد للأغراض السيطرة السياسية والإقتصادية، فهذه التسهيلات ساهمت في ظهور أسواق هجينة والتي تأسست على إثر التعاملات المعقدة، والجامدة، والمحصورة في الملفات الرسمية وغير الرسمية، والمشروعة وغير المشروعة.
فعند فتح الحدود سنة 1989 شهد مركز الموارد التزامن مع ثلاث مراحل وهي:
_ وجود تباين كبير بين إقتصاد البلدين.
_ وجود كسور بين الجهات النشيطة في تجارة التهريب.
_ التسامح التي وضعته الدولتين للاقتصاد غير الرسمي. والذي يعتبر صمام التوترات الإجتماعية،
ففتح الحدود قد أدى إلى إنعاش مجموعة من الأسواق والقرى والمحلات تعرف إزدهارا ملحوظا. وبالمقارنة بين المجالات الريفية والحضرية فقد شهدت القرى الريفية تطورا ملحوظا خاصة وأصبحنا نجد مجموعة من المبادرات التنموية في تربية الأغنام وفي الزراعات، فهذه القيم في القطاعات الترابية هي نتيجة إعادة إستثمار أموال التهريب، والأنشطة غير الرسمية، بالإضافة إلى السلسة من الإصلاحات الزراعية، ومع ذلك فالقيم الفلاحية مع تجدد الإهتمام بالرعي، لا يستفيد منها كل السكان وكل العشائر الموجودة في الجفرة، ففي الواقع، فإن العمام التي تقوم بتمويل منضمة التجارة غير الرسمية، قد نجحت في فرض السيطرة على الأسر والعشائر لمشاركتها في التجارة الغير الرسمية. مقابل إبرام عقود حول الزراعة التشاركية.( المغارسة).
فهذه الإتفاقيات ساهمت في تعميق إستيلاء العمام على مجموعة من الأراضي القبلية للتوازين، وفي مقابل ذلك نجد أن الإستثمارات في مجال الرعي خاصة في الجمال. إذ أن العمام استخدمت القساوسة مع العشائر التي توجد في الأراضي الحدودية مع ليبيا. وذلك للسيطرة على المناطق الإستراتيجية للتهريب، بالإضافة إلى مشاركتها في تمويل ومراقبة التجارة غير الرسمية التي تعرف تعقيدات في تقاريرها، مع أصحاب المصلحة المحلية وفي تعبئة الروابط القبلية.
إن العمام لا تبحث فقط على فرض هيمنتها على الإقتصاد المحلي، بل تسعى خاصة إلى إنشاء قاعدة إقليمية لتتيح لهم التفاوض مع هياكل السلطة، فهذا التفاوض قد يؤدي إلى وضع حلول وسطى، وتقديم تنازلات طبقا للظروف والوسائل الممكنة، ومع ذلك فالدور والمكانة التي كانت تميز العمام أصبحت تواجه إنتقادات وخصومات، مما يجب التعامل معها بكل جدية، خاصة في مسألة القبيلتين وراثة من جهة وتايوت من جهة أخرى. فهذه الأخيرة لم تعطى لها أهمية بسبب أهمية الشبكات الشرعية في السيطرة على المناطق الإستراتيجية والأنشطة الغير الرسمية ، لكنها رفضت الوسائل والوسائط التي إعتمدت في توزيع الموارد من داخل نفس الشبكة، بالإضافة إلى الإنحراف الذي أدى إلى تنفيذ القدرات اللوجيستيكية الخاصة بهم والبحث عن قنوات غير رسمية جديدة.
أما بالنسبة لوراثة فقد حاولت تطوير مركزها في التسلسل الهرمي، من جلال تنويع منتجاتها وتنويع مصادر الربح لديها، وذلك بفرض إحتكار الشركات الأكثر ربحا على حساب غيرها من الشركات، فوراثة لا تقتصر على توطيد قاعدتها الإقتصادية فقط، لكن تحاول إعادة بناء العلاقة بين الشبكة بكاملها والسلطة، مع إعادة بناء الجزء الرئيسي من الجفرة ، وكذا التحالف مع دوائر السلطة، وبالتالي التخلي عن الإعتبارات التضامنية القبلية التي تأتي من طرف جميع الأنشطة غير الرسمية.
وفي المقابل فإن العمام بخلاف غيرها من الجهات الفاعلة في أنشطة التجارة غير الرسمية في الجفرة، فإنها تسعى إلى التحالف مع الدوائر السلطة، وبالتالي إدراج داخل الشبكة الأشخاص والهيئات الأجنبية للمنطقة، رغم أن هذا الإدراج سوف يؤدي إلى فقدان إستقلالها الذاتي، وسيطرتها على الأقاليم والأماكن الإستراتيجية، بالإضافة إلى عدم قدرتها على حشد الروابط القبلية.
التقاسم غير المتكافئ وإعادة التوزيع بين مختلف الجهات الفاعلة وأنا فارس هي المواضيع الرئيسية للمطالبة داخل الشبكة. هو الزعم الذي يأتي كالعديد من العشائر والقبائل وبصرف النظر عن مكانة لربحية قوية والمجموعات الذين يعتبرون أنفسهم للأذى بالإقصاء واحتكار الممارسات التي تسود في الثدي الشبكة والغرض منها هو الحفاظ على النخبة.
إن التوزيع غير المكافئ بين مختلف الجهات الفاعلة في الجفرة، تشكل المواضيع الرئيسية التي تطلب داخل الشبكة، فهذه المطالب التي تنبثق من كل العشائر والقبائل، ساهمت بشكل كبير في إنتشار مجالات مربحة خاصة في المجموعات التي كانت تعتبر نفسها مظلومة جراء ممارسة الإقصاء والإحتكارات السائدة في الشبكة والتي هدفها الحفاظ على النخب.
المحاور الرئيسية
المحور الثالث: تهيئة جديدة للنظم الفاعلة في الجفرة، الإستراتيجيات المكانية للشبكات ،التحالفات،التسلسل الهرمي والانحراف عن الدور الحدودي.
1. إعادة تشكيل النخب المحلية إلى رؤساء شبكات التهريب.
1.1 السياقات المحددة لإعادة تشكيل النخب في كلا البلدين: التفاوتات في توزيع موارد الدولة وتهميش الأعيان المحلية التقليدية.
2.1 دور التهريب في ظهور النخب الجديدة وصعود المازيكري.
3.1 صعود وراثة: نتيجة لعملية التمييز ونهاية التضامن القبلي.
4.1 نخبة الجفرة الليبية: سياسة التقارب والتهريب والمحسوبية.
1.4.1 الإصلاحات الاقتصادية "الخصخصة الاشتراكية" الشركات التابعة للدولة مصدر رئيسي لافتراس النخب المحلية.
2.4.1 توطيد دعائم الاقتصاد الغر الرسمي: ظهور النخب المحلية ولاستبعاد التدريجي للجان الثورية.
2. النخب الجفرية الجديدة:نحو رعاية جديدة وإعادة بناء علاقات مع الدولة.
1.2 ظهور المازيكري في حلة جديدة: إعادة توزيع الموارد داخل الدولة والمشاركة الجماعية في الأنشطة غير الرسمية.
2.2 النخبة الجديدة في الجفرة ، كوسيط محلي للسلطة.
3. شبكات كارتل الحدودية: التسلسلات الهرمية.
1.3 الصرافة التوازنية (العمام) مصرفوا النظام.
2.3 تجار الجملة في النوايل والزوارة: مزودي السوق غير الرسمية.
3.3 النصابة: التجار المستقلين في السوق.
4.3 الخواطة أو التجار المتجولين بروليتارية الشبكة.
5.3 التايوت أو العمال المستقلين: مجموعة تسعى إلى الاستقلال والإنصاف.
4. العلاقة بين القطاع الرسمي والقطاع غير الرسمي: فماهي الحدود المشروعة وغير مشروعة
5. توزيع الأدوار الداخلية بين السلالات والجماعات: عدم المساواة في الحصول على الموارد الحدودية.
1.5 التوازنية مركز مهيمن في الشبكة وأراضي الاتحاد.
2.5 الواديرناس: المحاربون أصبحوا تجار ومهربين.
3.5 الخزور: التجار المستقلين.
4.5 المهابيل: النزاهة والسمعة التقليدية.
5.5 التمارة: مراحل ويرغامي في تونس.
6.5 الربايص فلاحوا الاتحاد.
7.5 مدنين: أسياد القصور والتحويلات في عمل الحكومة.
8.5 الهوايس: الرحل القدامى.
9.5 الجليدات: مزودوا الشبكة بالعملات الأجنبية.
10.5 العكارة: ذات الهجرة المرتفعة.
11.5 النوايل محتكروا شبكة الشرق.
12.5 الصيعان: المهربون وسيور الصحراء.
13.5 ورغامي: قبيلة محفوفة بالمخاطر.
14.5 الزوارة ومساهمتها في امتداد الشبكة.
خاتمة.
المحاور الرئيسية.
Commentaires